وَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ: دَعَوْنِي إِلَى إِيَاسٍ فَإِذَا رَجُلٌ كُلَّمَا فَرَغَ مِنْ حَدِيثٍ أَخَذَ فِي آخِرَ.
وَقَالَ إِيَاسٌ: كُلُّ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُ عَيْبَ نَفْسِهِ فَهُوَ أَحْمَقُ. فَقِيلَ لَهُ: فَمَا عَيْبُكَ؟ قَالَ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ.
قَالُوا: وَلَمَّا مَاتَتْ أُمُّهُ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَانَ لِي بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إِلَى الْجَنَّةِ، فَغُلِقَ أَحَدُهُمَا.
وَقَالَ أَبُوهُ: إِنَّ النَّاسَ يَلِدُونَ أَبْنَاءً، وَوَلَدْتُ أَبًا.
وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ، وَيَكْتُبُونَ عَنْهُ الْفِرَاسَةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ حَوْلَهُ جُلُوسٌ، إِذْ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ قَدْ جَاءَ، فَجَلَسَ عَلَى دَكَّةِ حَانُوتٍ، وَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ أَحَدٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَنَظَرَ فِي وَجْهِ رَجُلٍ، ثُمَّ عَادَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَذَا فَقِيهُ كُتَّابٍ قَدْ أَبَقَ لَهُ غُلَامٌ أَعْوَرُ فَهُوَ يَتَطَلَّبُهُ. فَقَامُوا إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَسَأَلُوهُ، فَوَجَدُوهُ كَمَا قَالَ إِيَاسٌ فَقَالُوا لِإِيَاسٍ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَمَّا جَلَسَ عَلَى دَكَّةِ الْحَانُوتِ عَلِمْتُ أَنَّهُ ذُو وِلَايَةٍ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِفَقَاهَةِ الْمَكْتَبِ، ثُمَّ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ مَنْ يَمُرُّ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ فَقَدَ غُلَامًا، ثُمَّ لَمَّا قَامَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، عَرَفْتُ أَنَّ غُلَامَهُ أَعْوَرُ.
وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ خَلِّكَانَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً فِي تَرْجَمَتِهِ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute