وَنَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا، فَبَيْنَمَا أَنَا بَيْنَ النَّائِمَةِ وَالْيَقْظَى رَأَيْتُ كَأَنَّ ابْنِي الْكَبِيرَ - وَكَانَ مُشْتَدًّا - قَدْ أَقْبَلَ، فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ، فَذَبَحَ وَلَدَ الدَّاجِنِ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يُضَيِّقُ عَلَيْنَا اللَّبَنَ. تَمَّ نَصَبَ الْقِدْرَ، وَقَطَّعَهُ وَوَضَعَهُ فِيهِ، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَذَبَحَ بِهَا أَخَاهُ - وَأَخُوهُ صَغِيرٌ كَمَا قَدْ جَاءَ - ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ مَذْعُورَةً، فَدَخَلَ وَلَدِي الْكَبِيرُ فَقَالَ: أَيْنَ اللَّبَنُ؟ فَقُلْتُ: شَرِبَهُ وَلَدُ الدَّاجِنِ. فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ ضَيَّقَ عَلَيْنَا اللَّبَنَ. ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ فَذَبَحَهُ وَقَطَّعَهُ فِي الْقِدْرِ، فَبَقِيتُ مُشْفِقَةً خَائِفَةً مِمَّا رَأَيْتُ، فَأَخَذْتُ وَلَدِي الصَّغِيرَ فَغَيَّبْتُهُ فِي بَعْضِ بُيُوتِ الْجِيرَانِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْمَنْزِلِ وَأَنَا مُشْفِقَةٌ جِدًّا مِمَّا رَأَيْتُ، فَأَخَذَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَائِلًا يَقُولُ: مَا لَكِ مُغْتَمَّةً؟ فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُ مَنَامًا، فَأَنَا أَحْذَرُ مِنْهُ. فَقَالَ: يَا رُؤْيَا، يَا رُؤْيَا. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ، فَقَالَ: مَا أَرَدْتِ إِلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ؟ قَالَتْ: مَا أَرَدْتُ إِلَّا خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: يَا أَحْلَامُ، يَا أَحْلَامُ. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ دُونَهَا فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، فَقَالَ: مَا أَرَدْتِ إِلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ؟ فَقَالَتْ: مَا أَرَدْتُ إِلَّا خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: يَا أَضْغَاثُ، يَا أَضْغَاثُ. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ شَعِثَةٌ، فَقَالَ: مَا أَرَدْتِ إِلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَغُمَّهَا سَاعَةً. ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ، فَجَاءَ ابْنِي فَوَضَعَ الطَّعَامَ، وَقَالَ: أَيْنَ أَخِي؟ فَقُلْتُ لَهُ: دَرَجَ إِلَى بُيُوتِ الْجِيرَانِ. فَذَهَبَ وَرَاءَهُ، فَكَأَنَّمَا هُدِيَ إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ وَجَلَسْنَا جَمِيعًا، فَأَكَلَنَا مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ.
وُلِدَ الزُّهْرِيُّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَكَانَ قَصِيرًا قَلِيلَ اللِّحْيَةِ، لَهُ شَعَرَاتٌ طِوَالٌ، خَفِيفُ الْعَارِضِينَ.
قَالُوا: وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي نَحْوٍ مَنْ ثَمَانِينَ يَوْمًا، وَجَالَسَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute