عَلَيْهِمْ يَزِيدَ بْنَ خَالِدٍ الْقَسْرِيَّ وَثَبَتَ فِي الْمَدِينَةِ نَائِبَهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَرْوَانُ مِنْ حِمْصَ عَسْكَرًا نَحْوًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ، فَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْ دِمَشْقَ خَرَجَ النَّائِبُ فِيمَنْ مَعَهُ، وَالْتَقَوْا هُمْ وَالْعَسْكَرُ بِأَهْلِ الْغُوطَةِ فَهَزَمُوهُمْ وَحَرَّقُوا الْمِزَّةَ وَقُرًى أُخْرَى مَعَهَا، وَاسْتَجَارَ يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الْقَسْرِيُّ، وَأَبُو عِلَاقَةَ الْكَلْبِيُّ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمِزَّةِ مِنْ لَخْمٍ فَدَلَّ عَلَيْهِمْ زَامَلُ بْنُ عَمْرٍو فَأُتِيَ بِهِمَا، فَقَتَلَهُمَا وَبَعَثَ بِرَأْسَيْهِمَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَرْوَانَ وَهُوَ بِحِمْصَ.
وَخَرَجَ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ فِي أَهْلِ فِلَسْطِينَ عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَأَتَوْا طَبَرِيَّةَ فَحَاصَرُوهَا، فَبَعَثَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ جَيْشًا، فَأَجْلَوْهُمْ عَنْهَا وَاسْتَبَاحُوا عَسْكَرَهُمْ، وَفَرَّ ثَابِتُ بْنُ نُعَيْمٍ هَارِبًا إِلَى فِلَسْطِينَ فَأَتْبَعَهُ الْأَمِيرُ أَبُو الْوَرْدِ فَهَزَمَهُ ثَانِيَةً، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، وَأَسَرَ أَبُو الْوَرْدِ ثَلَاثَةً مِنْ أَوْلَادِهِ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى الْخَلِيفَةِ وَهُمْ جَرْحَى، فَأَمَرَ بِمُدَاوَاتِهِمْ، ثُمَّ كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى نَائِبِ فِلَسْطِينَ وَهُوَ الرُّمَاحِسُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْكِنَانِيُّ يَأْمُرُهُ بِطَلَبِ ثَابِتِ بْنِ نُعَيْمٍ حَيْثُ كَانَ، فَمَا زَالَ يَتَلَطَّفُ بِهِ حَتَّى أَخَذَهُ أَسِيرًا، وَذَلِكَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ، فَبَعَثَهُ إِلَى الْخَلِيفَةِ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَكَذَلِكَ جَمَاعَةٌ كَانُوا مَعَهُ، وَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى دِمَشْقَ، فَأُقِيمُوا عَلَى بَابِ مَسْجِدِهَا ; لِأَنَّ أَهْلَ دِمَشْقَ كَانُوا قَدْ أَرَجَفُوا بِأَنَّ ثَابِتَ بْنَ نُعَيْمٍ ذَهَبَ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ فَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ نَائِبَ مَرْوَانَ فِيهَا، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِمْ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ ; لِيَعْرِفُوا بُطْلَانَ مَا كَانُوا بِهِ أَرَجَفُوا.
وَأَقَامَ الْخَلِيفَةُ مَرْوَانُ بِدِيرِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُدَّةً حَتَّى بَايَعَ لِابْنَيْهِ عُبَيْدِ اللَّهِ ثُمَّ عَبْدِ اللَّهِ وَزَوَّجَهُمَا ابْنَتَيْ هِشَامٍ وَهُمَا أُمُّ هِشَامٍ وَعَائِشَةُ وَكَانَ مَجْمَعًا حَافِلًا، وَعَقْدًا هَائِلًا، وَبَيْعَةً عَامَّةً، وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَامَّةً، وَقَدِمَ الْخَلِيفَةُ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute