قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ الْكِنَانِيُّ فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهُ، وَقَالَ: هُوَ ابْنُ أُخْتِنَا. فَوَهَبَهُ لَهُ، وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَقْدِمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. ثُمَّ اسْتَعْلَمَ ابْنُ ضُبَارَةَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَخْبَارِ ابْنِ مُعَاوِيَةَ فَذَمَّهُ، وَرَمَاهُ هُوَ وَأَصْحَابَهُ بِاللِّوَاطِ، وَجِيءَ مِنَ الْأُسَارَى بِمِائَةِ غُلَامٍ عَلَيْهِمُ الثِّيَابُ الْمُصَبَّغَةُ، فَحَمَلَ ابْنُ ضُبَارَةَ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى الْبَرِيدِ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ لِيُخْبِرِهُ بِذَلِكَ، فَبَعَثَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى مَرْوَانَ فِي أَجْنَادِ أَهْلِ الشَّامِ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا أَخْبَرَهُ ابْنُ ضُبَارَةَ عَنِ ابْنِ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ زَوَالَ مُلْكِ مَرْوَانَ يَكُونُ عَلَى يَدِ هَذَا الرَّجُلِ، وَلَا يَشْعُرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَافَى الْمَوْسِمَ أَبُو حَمْزَةَ الْخَارِجِيُّ فَأَظْهَرَ التَّحَكُّمَ وَالْمُخَالَفَةَ لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ وَالتَّبَرُّؤَ مِنْهُ، فَرَاسَلَهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ، وَإِلَيْهِ أَمْرُ الْحَجِيجِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى الْأَمَانِ إِلَى يَوْمِ النَّفْرِ، فَوَقَفُوا عَلَى حَجْرَةٍ مِنَ النَّاسِ بِعَرَفَاتٍ ثُمَّ تَحَيَّزُوا عَنْهُمْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ تَعَجَّلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَتَرَكَ مَكَّةَ فَدَخَلَهَا الْخَارِجِيُّ بِغَيْرِ قِتَالٍ، فَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:
زَارَ الْحَجِيجَ عِصَابَةٌ قَدْ خَالَفُوا ... دِينَ الْإِلَهِ فَفَرَّ عَبْدُ الْوَاحِدِ
تَرَكَ الْحَلَائِلَ وَالِإْمَارَةَ هَارِبًا ... وَمَضَى يُخَبِّطُ كَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ
لَوْ كَانَ وَالِدُهُ تَنَصَّلَ عِرْقَهُ ... لَصَفَتْ مَشَارِبُهُ بِعِرْقِ الْوَالِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute