عَظِيمًا، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ أَهْلُهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ الْيَمَانِيَةِ وَالْمُضَرَيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِنَّهُمْ جَعَلُوا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ مِحْرَابَيْنِ لِلْقِبْلَتَيْنِ، حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْبَرَيْنِ وَإِمَامَيْنِ يَخْطُبَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرَيْنِ، وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ مَا وَقَعَ، وَغَرِيبِ مَا اتَّفَقَ، وَفَظِيعِ مَا أُحْدِثَ بِسَبَبِ الْفِتْنَةِ وَالْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ. وَقَدْ بَسَطَ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ دِمَشْقَ، دَخَلَهَا بِالسَّيْفِ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ مِنَ النَّهَارِ، وَجَعَلَ مَسْجِدَ جَامِعِهَا سَبْعِينَ يَوْمًا إِصْطَبْلًا لِدَوَابِّهِ وَجِمَالِهِ، ثُمَّ نَبَشَ قُبُورَ بَنِي أُمَيَّةَ فَلْمْ يَجِدْ فِي قَبْرِ مُعَاوِيَةَ إِلَّا خَيْطًا أَسْوَدَ مِثْلَ الْهَبَاءِ، وَنَبَشَ قَبْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَوَجَدَ جُمْجُمَةً، وَكَانَ يُوجَدُ فِي الْقَبْرِ الْعُضْوُ بَعْدَ الْعُضْوِ، غَيْرَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِنَّهُ وَجَدَهُ صَحِيحًا لَمْ يَبْلَ مِنْهُ غَيْرُ أَرْنَبَةِ أَنْفِهِ، فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَصَلَبَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ، وَدَقَّ رَمَادَهُ، ثُمَّ ذَرَاهُ فِي الرِّيحِ، وَذَلِكَ أَنَّ هِشَامًا كَانَ قَدْ ضَرَبَ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ - حِينَ كَانَ قَدِ اتَّهَمَهُ بِقَتْلِ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ - سَبْعَمِائَةِ سَوْطٍ، ثُمَّ نَفَاهُ إِلَى الْحُمَيْمَةِ بِالْبَلْقَاءِ. قَالَ: ثُمَّ تَتَبَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ نَفْسًا عِنْدَ نَهْرٍ بِالرَّمْلَةِ وَبَسَطَ عَلَيْهِمُ الْأَنْطَاعَ، وَمَدَّ عَلَيْهِمْ سِمَاطًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute