للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ - وَقِيلَ: الْأَوَّلُ - مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ جَرَّدَ الْجُيُوشَ نَحْوَ مَرْوَانَ الْحِمَارِ فَطَرَدُوهُ مِنْ مَمَالِكِهِ وَأَجْلَوْهُ عَنْهَا، وَمَا زَالُوا وَرَاءَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ بِبُوصِيرَ مِنْ بِلَادِ الصَّعِيدِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ وَبَسْطُهُ، وَحِينَئِذٍ اسْتَقَلَّ بِالْخِلَافَةِ السَّفَّاحُ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى بِلَادِ الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، لَكِنْ لَمْ يَحْكُمْ عَلَى بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ وَلَا عَلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَيْهَا اسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَقَدْ خَرَجَ عَلَى السَّفَّاحِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ طَوَائِفُ، فَمِنْهُمْ أَهْلُ قِنَّسْرِينَ بَعْدَمَا بَايَعُوهُ عَلَى يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَقَرَّ عَلَيْهِمْ أَمِيرُهُمْ، وَهُوَ أَبُو الْوَرْدِ مَجْزَأَةُ بْنُ الْكَوْثَرِ بْنِ زُفَرَ بْنِ الْحَارِثِ الْكِلَابِيُّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مَرْوَانَ وَأُمَرَائِهِ، فَخَلَعَ السَّفَّاحَ وَلَبِسَ الْبَيَاضَ، وَحَمَلَ أَهْلَ الْبَلَدِ عَلَى ذَلِكَ فَوَافَقُوهُ، وَكَانَ السَّفَّاحُ يَوْمَئِذٍ بِالْحِيرَةِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ مَشْغُولٌ بِالْبَلْقَاءِ يُقَاتِلُ بِهَا حَبِيبَ بْنَ مُرَّةَ الْمُرِّيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلْقَاءِ وَالْبَثَنِيَّةِ وَحَوْرَانَ عَلَى خَلْعِ السَّفَّاحِ وَبَيَّضَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ قِنَّسْرِينَ مَا فَعَلُوا صَالَحَ حَبِيبَ بْنَ مُرَّةَ وَرَكِبَ نَحْوَ قِنَّسْرِينَ، فَلَمَّا اجْتَازَ بِدِمَشْقَ - وَكَانَ بِهَا أَهْلُهُ وَثِقَلُهُ - اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا أَبَا غَانِمٍ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ رِبْعِيٍّ الطَّائِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْبَلَدَ، وَانْتَهَى إِلَى حِمْصَ نَهَضَ أَهْلُ دِمَشْقَ مَعَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ سُرَاقَةَ. فَخَلَعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>