للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَنِي أُمَيَّةَ، قُتِلَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ.

وَوَزِيرُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ الْكَاتِبُ الْبَلِيغُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ، فَيُقَالُ: فُتِحَتِ الرَّسَائِلُ بِعَبْدِ الْحَمِيدِ، وَخُتِمَتْ بِابْنِ الْعَمِيدِ. وَكَانَ إِمَامًا فِي الْكِتَابَةِ وَجَمِيعِ فُنُونِهَا، وَهُوَ الْقُدْوَةُ فِيهَا، وَلَهُ رَسَائِلُ فِي أَلْفِ وَرَقَةٍ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْأَنْبَارِ، ثُمَّ سَكَنَ الشَّامَ، وَتَعَلَّمَ هَذَا الشَّأْنَ مَنْ سَالِمٍ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَكَانَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ وَزِيرُ الْمَهْدِيِّ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ تَخَرَّجَ، وَكَانَ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ مَاهِرًا فِي الْكِتَابَةِ أَيْضًا، وَقَدْ كَانَ أَوَّلًا يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ، ثُمَّ تَقَلَّبَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ حَتَّى وَزَرَ لِمَرْوَانَ الْجَعْدِيِّ آخِرِ خُلَفَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَأُخِذَ بَعْدَهُ فَقَتَلَهُ السَّفَّاحُ وَمَثَّلَ بِهِ، وَكَانَ اللَّائِقُ بِمِثْلِهِ الْعَفْوَ عَنْهُ.

وَمِنْ مُسْتَجَادِ كَلَامِهِ: الْعِلْمُ شَجَرَةٌ، ثَمَرَتُهَا الْأَلْفَاظُ، وَالْفِكْرُ بَحْرٌ لُؤْلُؤُهُ الْحِكْمَةُ.

وَمِنْ كَلَامِهِ، وَرَأَى رَجُلًا يَكْتُبُ خَطًّا رَدِيئًا: أَطِلْ جَلْفَةَ قَلَمِكَ وَأَسْمِنْهَا، وَحَرِّفْ قَطَّتَكَ وَأَيْمِنْهَا. قَالَ الرَّجُلُ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَجَادَ خَطِّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>