للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِذَا هُوَ قَدْ هَجَرَ وَذَهَبَتْ عَنْهُ مَعْرِفَتِي وَمَعْرِفَةُ غَيْرِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ بِالْعَشِيِّ، فَإِذَا هُوَ قَدِ انْتَفَخَ حَتَّى صَارَ مِثْلَ الْزِّقِّ، وَتُوُفِّيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَسَجَّيْتُهُ كَمَا أَمَرَنِي، وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَى الرَّسُولِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ قَلَّدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْخِلَافَةَ عَلَيْكُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَخَاهُ، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَقَدْ قَلَّدَ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِ عَبْدِ اللَّهِ عِيسَى بْنَ مُوسَى إِنْ كَانَ. قَالَ: فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ: إِنْ كَانَ. قِيلَ: إِنْ كَانَ أَهْلًا لَهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنْ كَانَ حَيًّا. وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ. ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ عَسَاكِرَ مُطَوَّلًا، وَهَذَا مُلَخَّصٌ مِنْهُ، وَفِيهِ ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدًّا.

وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّ الطَّبِيبَ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَخَذَ بِيَدِهِ، فَأَنْشَأَ السَّفَّاحُ يَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ:

انْظُرْ إِلَى ضَعْفِ الْحَرَا ... كِ وُذُلِّهِ بِيَدِ السُّكُونْ

يُنْبِئْكَ أَنَّ بَيَانَهُ ... هَذَا مُقَدِّمَةُ الْمَنُونْ

فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: أَنْتَ صَالِحٌ. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

يُبَشِّرُنِي بِأَنِّي ذُو صَلَاحٍ ... يَبِينُ لَهُ وَبِي دَاءٌ دَفِينُ

لَقَدْ أَيْقَنْتُ أَنِّي غَيْرُ بِاقٍ ... وَلَا شَكٌّ إِذَا وَضَحَ الْيَقِينُ

<<  <  ج: ص:  >  >>