للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرَادِيسِ مِنْ دِمَشْقَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ. قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: وَأَصْلُهُ مِنْ سِبَاءِ السِّنْدِ فَنَزَلَ الْأَوْزَاعَ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ النِّسْبَةُ إِلَيْهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: وُلِدَ بِبَعْلَبَكَّ، وَنَشَأَ بِالْبِقَاعِ يَتِيمًا فِي حِجْرِ أُمِّهِ، وَكَانَتْ تَنْتَقِلُ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَتَأَدَّبَ بِنَفْسِهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ أَعْقَلُ مِنْهُ، وَلَا أَوْرَعُ، وَلَا أَعْلَمُ، وَلَا أَفْصَحُ، وَلَا أَوْقَرُ، وَلَا أَحْلُمُ، وَلَا أَكْثَرُ صَمْتًا مِنْهُ، وَمَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ إِلَّا كَانَ الْمُتَعَيَّنَ عَلَى مَنْ يُجَالِسُهُ أَنْ يَكْتُبَهَا; مِنْ حُسْنِهَا، وَكَانَ يُعَانِي الرَّسَائِلَ وَالْكِتَابَةَ.

وَقَدِ اكْتُتِبَ فِي بَعْثٍ إِلَى الْيَمَامَةِ، فَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَانْقَطَعَ إِلَيْهِ، فَأَرْشَدَهُ إِلَى الرِّحْلَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ لِيَسْمَعَ مِنَ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فَوَجَدَ الْحَسَنَ قَدْ تُوُفِّيَ مِنْ شَهْرَيْنِ، وَوَجَدَ ابْنَ سِيرِينَ مَرِيضًا، فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ لِعِيَادَتِهِ، فَقَوِيَ الْمَرَضُ بِهِ، وَمَاتَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ شَيْئًا، وَجَاءَ فَنَزَلَ دِمَشْقَ بِمَحَلَّةِ الْأَوْزَاعِ خَارِجَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، وَسَادَ أَهْلَهَا فِي زَمَانِهِ وَسَائِرَ الْبِلَادِ فِي الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالْمَغَازِي وَعُلُومِ الْإِسْلَامِ. وَقَدْ أَدْرَكَ خَلْقًا مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَحَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ.

وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَدَالَتِهِ وَإِمَامَتِهِ; قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>