للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ رَأَيْتُهُ فِي صَحْنِ الْجَامِعِ يَتَفَلَّى، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى سَرِيرِ الْمَوْتَى فَأَحْرِزْهُ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقَ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ؟! فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَكَ; إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ: فَلَانٌ قَدَرِيٌّ، وَفُلَانٌ كَذَا، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ نِعْمَ الرَّجُلُ، وَأَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ خَيْرُ مِنْ يَمْشِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَأَنْتَ مَيِّتٌ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ: فَمَا جَاءَ الظُّهْرُ حَتَّى مَاتَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا، وَأُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ. رَوَاهَا ابْنُ عَسَاكِرَ.

وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ، حَسَنَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ أَطَالَ الْقِيَامَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ طُولَ الْقِيَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا} [الإنسان: ٢٦]

[الْإِنْسَانِ: ٢٦، ٢٧] .

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الْعِبَادَةِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: حَجَّ فَمَا نَامَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، إِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةٍ، فَإِذَا نَعَسَ اسْتَنَدَ إِلَى الْقَتْبِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِنْ شِدَّةِ الْخُشُوعِ كَأَنَّهُ أَعْمَى.

وَدَخَلَتِ امْرَأَةٌ عَلَى امْرَأَةِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَرَأَتِ الْحَصِيرَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ مَبْلُولًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>