خَدَعَهُ الْأَمَلُ، وَغَرَّهُ طُولُ الْأَجَلِ، وَتَبَلَّغَ بِالْأَمَانِي، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ وَعَى نُذُرَهُ وَانْتَهَى، وَعَقَلَ مَثْوَاهُ فَمَهَدَ لِنَفْسِهِ.
وَقَدِ اجْتَمَعَ الْأَوْزَاعِيُّ بِالْمَنْصُورِ حِينَ دَخَلَ الشَّامَ وَوَعَظَهُ، وَأَحَبَّهُ الْمَنْصُورُ وَعَظَّمَهُ، وَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ اسْتَأْذَنَهُ فِي أَنْ لَا يَلْبَسَ السَّوَادَ فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمَنْصُورُ لِلرَّبِيعِ الْحَاجِبِ: الْحَقْهُ فَسَلْهُ لِمَ كَرِهَ لُبْسَ السَّوَادِ؟ وَلَا تُخْبِرْهُ أَنِّي قُلْتُ لَكَ. فَسَأَلَهُ الرَّبِيعُ فَقَالَ: لِأَنِّي لَمْ أَرَ مُحْرِمًا أَحْرَمَ فِيهِ، وَلَا مَيِّتًا كُفِّنَ فِيهِ، وَلَا عَرُوسًا جُلِيَتْ فِيهِ، فَلِهَذَا أَكْرَهُهُ.
وَقَدْ كَانَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الشَّامِ مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا، أَمْرُهُ أَعَزُّ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ، وَهَمَّ بِهِ بَعْضُ الْوُلَاةِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: دَعْهُ عَنْكَ فَوَاللَّهِ لَوْ أَمَرَ الشَّامِيِّينَ أَنْ يَقْتُلُوكَ لَقَتَلُوكَ.
وَلَمَّا مَاتَ جَلَسَ عِنْدَ قَبْرِهِ بَعْضُ الْوُلَاةِ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَافُ مِنَ الَّذِي وَلَّانِي. وَقَدْ قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: مَا مَاتَ الْأَوْزَاعِيُّ حَتَّى جَلَسَ وَحْدَهُ، وَسَمِعَ شَتْمَهُ بِأُذُنِهِ.
وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute