للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا:

الْمَرْءُ يَأْمُلُ أَنْ يَعِي ... شِ وَطُولُ عُمْرٍ قَدْ يَضُرُّهْ

تَبْلَى بَشَاشَتُهُ وَيَبْ ... قَى بَعْدَ حُلْوِ الْعَيْشِ مُرُّهْ

وَتَخُونُهُ الْأَيَّامُ حَتَّ ... ى لَا يَرَى شَيْئًا يَسُرُّهْ

كُمْ شَامِتٍ بِي إِنْ هَلَكْ ... تُ وَقَائِلٍ لِلَّهِ دَرُّهْ

قَالُوا: وَكَانَ الْمَنْصُورُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ يَتَصَدَّى لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْوِلَايَاتِ وَالْعَزْلِ، وَالنَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَإِذَا صَلَّى الظُّهْرَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَاسْتَرَاحَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إِلَى الْعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّاهَا جَلَسَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ وَمَصَالِحِهِمُ الْخَاصَّةِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَشَاءَ نَظَرَ فِي الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ الْوَارِدَةِ مِنَ الْآفَاقِ، وَجَلَسَ عِنْدَهُ مَنْ يُسَامِرُهُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى أَهْلِهِ، فَيَنَامُ فِي فِرَاشِهِ إِلَى الثُّلُثِ الْآخِرِ، فَيَقُومُ إِلَى وَضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ حَتَّى يَتَفَجَّرَ الصَّبَاحُ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَجْلِسُ فِي إِيوَانِهِ.

وَقَدْ وَلَّى بَعْضَ الْعُمَّالِ عَلَى بَلَدٍ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُ قَدْ تَصَدَّى لِلصَّيْدِ، وَأَعَدَّ لِذَلِكَ الْكِلَابَ وَالْبُزَاةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَعَدِمَتْكَ عَشِيرَتُكَ، وَيْحَكَ! إِنَّا إِنَّمَا اسْتَكْفَيْنَاكَ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ نَسْتَكْفِكَ أُمُورَ الْوُحُوشِ، فَسَلِّمْ مَا كُنْتَ تَلِي مِنْ عَمَلِنَا إِلَى فُلَانٍ، وَالْحَقْ بِأَهْلِكَ مَلُومًا مَدْحُورًا.

وَأُتِيَ يَوْمًا بِخَارِجِيٍّ قَدْ هَزَمَ جُيُوشَ الْمَنْصُورِ غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمَّا أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>