للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرَيْنِ مِنَ السَّنَةِ، وَإِنَّهُ إِذَا جَاءَ يَدْخُلُ بِدَوَابِّهِ إِلَى دَاخِلِ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَتَرُوثُ دَوَابُّهُ حَيْثُ يُصَلِّي النَّاسُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ أَنْ يَعْمَلَ خَشَبًا عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ; حَتَّى لَا يَصِلَ النَّاسُ إِلَى الْجَامِعِ إِلَّا مُشَاةً، فَعَلِمَ بِذَلِكَ عِيسَى بْنُ مُوسَى، فَاشْتَرَى قَبْلَ الْجُمْعَةِ دَارَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَكَانَتْ مُلَاصِقَةَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ يَأْتِي إِلَيْهَا مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ الْجُمْعَةِ رَكِبَ حِمَارًا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَنَزَلَ عَنْهُ، وَشَهِدَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّاسِ، وَأَقَامَ بِالْكُلِّيَّةِ فِي الْكُوفَةِ بِأَهْلِهِ، ثُمَّ أَلَحَّ الْمَهْدِيُّ عَلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى فِي أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ مِنْ وِلَايَةِ الْعَهْدِ، وَتَوَعَّدَهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ، وَوَعَدَهُ إِنْ فَعَلَ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُ أَقْطَاعًا عَظِيمَةً، وَجَعَلَ لَهُ مِنَ الْمَالِ عَشَرَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: عِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفٍ. وَبَايَعَ الْمَهْدِيُّ لِوَلَدَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ; مُوسَى الْهَادِي، ثُمَّ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ، كَمَا سَيَأْتِي.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ يَزِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ خَالُ الْمَهْدِيِّ، وَكَانَ نَائِبًا عَلَى الْيَمَنِ، فَوَلَّاهُ الْمَوْسِمَ، وَاسْتَقْدَمَهُ عَلَيْهِ شَوْقًا إِلَيْهِ.

وَغَالِبُ نُوَّابِ الْبِلَادِ قَدْ تَغَيَّرُوا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، غَيْرَ أَنَّ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ، وَعَلَى مِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو ضَمْرَةَ، وَعَلَى خُرَاسَانَ أَبُو عَوْنٍ، وَعَلَى السِّنْدِ بِسِطَامُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَلَى الْأَهْوَازِ وَفَارِسَ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ، وَعَلَى الْيَمَنِ رَجَاءُ بْنُ رَوْحٍ، وَعَلَى الْيَمَامَةِ بِشْرُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَعَلَى الْجَزِيرَةِ الْفَضْلُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَلَى الْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَعَلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ الْجُمَحِيُّ، وَعَلَى أَحْدَاثِ الْكُوفَةِ إِسْحَاقُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْكِنْدِيُّ، وَعَلَى خَرَاجِهَا ثَابِتُ بْنُ مُوسَى، وَعَلَى قَضَائِهَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، وَعَلَى أَحْدَاثِ الْبَصْرَةِ عُمَارَةُ بْنُ حَمْزَةَ، وَعَلَى صَلَاتِهَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>