للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

; يَعْنِي: ثَبَّتَهُمُ الشُّجْعَانُ مِنْهُمْ وَالْفُرْسَانُ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِيقَانِ، الصَّابِرُونَ عَلَى الْجِلَادِ وَالْجِدَالِ وَالطِّعَانِ. {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٥٠] طَلَبُوا مِنَ اللَّهِ أَنْ يُفْرِغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ; أَيْ يَغْمُرَهُمْ بِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَتَسْتَقِرَّ قُلُوبُهُمْ وَلَا تَقْلَقَ، وَأَنْ يُثَبِّتَ أَقْدَامَهُمْ فِي مَجَالِ الْحَرْبِ، وَمُعْتَرَكِ الْأَبْطَالِ، وَحَوْمَةِ الْوَغَى، وَالدُّعَاءِ إِلَى النِّزَالِ، فَسَأَلُوا التَّثَبُّتَ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ، وَأَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِمُ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَأَعْدَائِهِ، مِنَ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ بِآيَاتِهِ وَآلَائِهِ، فَأَجَابَهُمُ الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ إِلَى مَا سَأَلُوا وَأَنَالَهُمْ مَا إِلَيْهِ فِيهِ رَغِبُوا وَلِهَذَا قَالَ: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٥١] أَيْ; بِحَوْلِ اللَّهِ لَا بِحَوْلِهِمْ، وَبِقُوَّةِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ لَا بِقُوَّتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ، مَعَ كَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ وَكَمَالِ عَدَدِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: ١٢٣] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة: ٢٥١] فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَجَاعَةِ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّهُ قَتَلَهُ قَتْلًا أَذَلَّ بِهِ جُنْدَهُ وَكَسَّرَ جَيْشَهُ، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ غَزْوَةٍ يَقْتُلُ فِيهَا مَلِكٌ عَدُوَّهُ، فَيَغْنَمُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْوَالَ الْجَزِيلَةَ، وَيَأْسِرُ الْأَبْطَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>