للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبَثُ؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: ١١٥] . اتَّقِ اللَّهَ، وَعَلَيْكَ بِالزَّادِ لِيَوْمِ الْفَاقَةِ. قَالَ: فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَرَفَضَ الدُّنْيَا، وَأَخَذَ فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ.

وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ - بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ - عَنِ ابْتِدَاءِ أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي مَنْظَرَةٍ لِي بِبَلْخَ، وَإِذَا بِشَيْخٍ حَسَنٍ قَدِ اسْتَظَلَّ بِفَيْئِهَا، فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ قَلْبِي، فَأَمَرْتُ غُلَامِي، فَطَلَبَهُ فَدَخَلَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الطَّعَامَ، فَأَبَى، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قَالَ: مِنْ وَرَاءِ النَّهْرِ. قُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: الْحَجَّ. قُلْتُ: فِي هَذَا الْوَقْتِ؟ - وَكَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ ثَانِيَهُ - فَقَالَ: يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ. فَقُلْتُ: الصُّحْبَةَ. قَالَ: إِنْ أَحْبَبْتَ ذَلِكَ فَمَوْعِدُكَ اللَّيْلُ. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَنِي فَقَالَ: قُمْ بِسْمِ اللَّهِ. فَأَخَذْتُ ثِيَابَ سَفَرِي، وَسِرْنَا نَمْشِي كَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُجْذَبُ مِنْ تَحْتِنَا، وَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَى الْبُلْدَانِ، وَنَقُولُ هَذِهِ فُلَانَةُ، هَذِهِ فُلَانَةُ. فَإِذَا كَانَ الصَّبَاحُ فَارَقَنِي وَيَقُولُ: مَوْعِدُكَ اللَّيْلُ. فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ جَاءَنِي، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَزُرْنَا قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سِرْنَا إِلَى مَكَّةَ، فَجِئْنَاهَا لَيْلًا، فَقَضَيْنَا الْحَجَّ مَعَ النَّاسِ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى الشَّامِ، فَزُرْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَقَالَ: إِنِّي عَازِمٌ عَلَى الْمُقَامِ بِالشَّامِ. وَرَجَعْتُ أَنَا إِلَى بَلَدِي بَلْخَ أَسِيرُ سَيْرَ الضُّعَفَاءِ، حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهَا، وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ أَمْرِي. وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>