للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَخْرُجُ إِلَى الْجَبَّانَةِ فَيَبْكِي حَتَّى يَبُلَّ الثَّرَى بِدُمُوعِهِ، فَنُودِيَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْجَبَّانَةِ: أَنْ يَا طَالُوتُ، قَتَلْتَنَا وَنَحْنُ أَحْيَاءٌ، وَآذَيْتَنَا وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ. فَازْدَادَ لِذَلِكَ بُكَاؤُهُ وَخَوْفُهُ، وَاشْتَدَّ وَجَلُهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ عَالِمٍ يَسْأَلُهُ عَنْ أَمْرِهِ، وَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَهَلْ أَبْقَيْتَ عَالِمًا؟ حَتَّى دُلَّ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْعَابِدَاتِ، فَأَخَذَتْهُ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى قَبْرِ يُوشَعَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالُوا: فَدَعَتِ اللَّهَ فَقَامَ يُوشَعُ مِنْ قَبْرِهِ، فَقَالَ: أَقَامَتِ الْقِيَامَةُ؟ فَقَالَتْ: لَا وَلَكِنَّ هَذَا طَالُوتُ يَسْأَلُكَ: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، يَنْخَلِعُ مِنَ الْمُلْكِ، وَيَذْهَبُ فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ. ثُمَّ عَادَ مَيِّتًا. فَتَرَكَ الْمُلْكَ لِدَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَهَبَ وَمَعَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِنْ أَوْلَادِهِ، فَقَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلُوا. قَالُوا: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} [البقرة: ٢٥١] هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي " تَارِيخِهِ " مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ بِإِسْنَادِهِ. وَفِي بَعْضِ هَذَا نَظَرٌ وَنَكَارَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: النَّبِيُّ الَّذِي بُعِثَ فَأَخْبَرَ طَالُوتَ بِتَوْبَتِهِ، هُوَ الْيَسَعُ بْنُ أَخْطُوبَ. حَكَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا. وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ إِلَى قَبْرِ أَشْمَوِيلَ، فَعَاتَبَهُ عَلَى مَا صَنَعَ بَعْدَهُ مِنَ الْأُمُورِ. وَهَذَا أَنْسَبُ. وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا رَآهُ فِي النَّوْمِ، لَا أَنَّهُ قَامَ مِنَ الْقَبْرِ حَيًّا; فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَكُونُ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ، وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>