فَخَافُوا لِكَيْمَا تَأْمَنُوا بَعْدَ مَوْتِكُمْ
سَتَلْقَوْنَ رَبًّا عَادِلًا لَيْسَ يَظْلِمْ ... فَلَيْسَ لِمَغْرُورٍ بِدُنْيَاهُ زَاجِرٌ
سَيَنْدَمُ إِنْ زَلَّتْ بِهِ النَّعْلُ فَاعْلَمْ
قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَامِينَ فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ أَحْمَدَ لَكَ، فَعِظْنِي أَنْتَ. فَقَالَ: اعْلَمْ، رَحِمَكَ اللَّهُ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، يُنْزِلُ الْعَبِيدَ حَيْثُ نَزَلَتْ قُلُوبُهُمْ بِهُمُومِهَا، فَانْظُرْ أَيْنَ أَنْزَلَتْ قَلْبَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تُقَرَّبُ الْقُلُوبُ عَلَى حَسَبِ مَا قَرُبَ إِلَيْهَا، فَانْظُرْ مَنِ الْقَرِيبُ مِنْ قَلْبِكَ. وَأَنْشَدَنِي:
قُلُوبُ رِجَالٍ فِي الْحِجَابِ نُزُولُ ... وَأَرْوَاحُهُمْ فِيمَا هُنَاكَ حُلُولُ
بِرَوْحِ نَعِيمِ الْأُنْسِ فِي عِزِّ قُرْبِهِ ... بِإِفْرَادِ تَوْحِيدِ الْمَلِيكَ تَحُولُ
لَهُمْ بِفِنَاءِ الْقُرْبِ مِنْ مَحْضِ بِرِّهِ ... عَوَائِدُ بَذْلٍ خَطْبُهُنَّ جَلِيلُ
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: فَقُلْتُ لِلْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ رَامِينَ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ الْحُمَيْدِيِّ لَكَ، فَعِظْنِي. فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَثِقْ بِهِ وَلَا تَتَّهِمْهُ; فَإِنَّ اخْتِيَارَهُ لَكَ خَيْرٌ مِنَ اخْتِيَارِكَ لِنَفْسِكَ. وَأَنْشَدَنِي:
اتَّخِذِ اللَّهَ صَاحِبًا ... وَذَرِ النَّاسَ جَانِبًا
جَرِّبِ النَّاسَ كَيْفَ شِئْ ... تَ تَجِدْهُمُ عَقَارِبًا
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ غَيْثٌ الصُّورِيُّ: فَقُلْتُ لِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ: هَذِهِ مَوْعِظَةُ ابْنِ رَامِينَ لَكَ، فَعِظْنِي أَنْتَ. فَقَالَ: احْذَرْ نَفْسَكَ الَّتِي هِيَ أَعْدَى أَعْدَائِكَ أَنْ تُتَابِعَهَا عَلَى هَوَاهَا، فَذَاكَ أَعْضَلُ دَائِكَ، وَاسْتَشْعِرِ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ بِخِلَافِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute