للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِي:

فَأَمَّا الَّذِي أَمَّنْتَهُ يَأْمِنُ الرَّدَى ... وَأَمَّا الَّذِي حَاوَلْتَ بِالثُّكْلِ ثَاكِلُ

قَالَ: فَأَمَرَ بِرَفْعِ الْحِجَابِ، فَإِذَا وَجْهُهُ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ، فَاسْتَنْشَدَنِي بَقِيَّةَ الْقَصِيدَةِ، وَأَمَرَنِي بِالْقُرْبِ إِلَيْهِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ يَا إِبْرَاهِيمُ! لَوْلَا ذُنُوبٌ بَلَغَتْنِي عَنْكَ لَفَضَّلْتُكَ عَلَى أَصْحَابِكَ، فَأَقِرَّ عَلَيَّ بِذُنُوبِكَ أَعْفُهَا عَنْكَ. فَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ فَقِيهٌ عَالِمٌ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَنِي بِحُجَّةٍ تَجِبُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كُلُّ ذَنْبٍ بَلَغَكَ مِمَّا عَفَوْتَهُ عَنِّي فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ. فَتَنَاوَلَ الْمِخْصَرَةَ، فَضَرَبَنِي بِهَا ضَرْبَتَيْنِ وَأَمَرَ لِي بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَخِلْعَةٍ، وَعَفَا عَنِّي وَأَلْحَقَنِي بِنُظَرَائِي.

وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَنْقِمُهُ الْمَنْصُورُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

وَمَهْمَا أُلَامُ عَلَى حُبِّهِمْ ... فَإِنِّي أُحِبُّ بَنِي فَاطِمَهْ

بَنِي بِنْتِ مَنْ جَاءَ بِالْمُحْكَمَاتِ ... وَبِالدِّينِ وَالسُّنَّةِ الْقَائِمَهْ

فَلَسْتُ أُبَالِي بِحُبِّي لَهُمْ ... سِوَاهُمْ مِنَ النَّعْمِ السَّائِمَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>