للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَاسْتَدْعَى بِهِ الرَّشِيدُ وَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! كَمْ كَانَ يُعْطِيكَ جَعْفَرٌ كُلَّ عَامٍ؟ قَالَ: أَلْفُ دِينَارٍ. فَأَمَرَ لَهُ بِأَلْفَيْ دِينَارٍ.

وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى وَقَفَتِ امْرَأَةٌ عَلَى حِمَارٍ فَارِهٍ، فَقَالَتْ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ: وَاللَّهِ لَئِنْ صِرْتَ الْيَوْمَ آيَةً فَلَقَدْ كُنْتَ فِي الْمَكَارِمِ غَايَةً. ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ:

وَلَمَّا رَأَيْتُ السَّيْفَ خَالَطَ جَعْفَرًا ... وَنَادَى مُنَادٍ لِلْخَلِيفَةِ فِي يَحْيَى

بَكَيْتُ عَلَى الدُّنْيَا وَأَيْقَنْتُ أَنَّمَا ... قُصَارَى الْفَتَى يَوْمًا مُفَارَقَةُ الدُّنْيَا

وَمَا هِيَ إِلَّا دَوْلَةٌ بَعْدَ دَوْلَةٍ ... تُخَوِّلُ ذَا نُعْمَى وَتُعْقِبُ ذَا بَلْوَى

إِذَا أَنْزَلَتْ هَذَا مَنَازِلَ رِفْعَةٍ ... مِنَ الْمُلْكِ حَطَّتْ ذَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى

قَالَ ثُمَّ حَرَّكَتْ حِمَارَهَا، فَذَهَبَتْ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ رِيحًا لَا أَثَرَ لَهَا، وَلَا يُعْرَفُ أَيْنَ ذَهَبَتْ

وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ " الْمُنْتَظَمِ " أَنَّ جَعْفَرًا كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: فَنْفَنَةُ. مُغَنِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ، كَانَ مُشْتَرَاهَا عَلَيْهِ بِمَنْ مَعَهَا مِنَ الْجَوَارِي مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، فَطَلَبَهَا مِنْهُ الرَّشِيدُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا قَتَلَهُ الرَّشِيدُ اصْطَفَى تِلْكَ الْجَارِيَةَ، فَأَحْضَرَهَا لَيْلَةً فِي مَجْلِسِ شَرَابِهِ، وَعِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>