للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوَلَّدَاتِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

كَفَى لَكَ فَضْلًا أَنَّ أَفْضَلَ حُرَّةٍ ... غَذَتْكَ بِثَدِيٍ وَالْخَلِيفَةَ وَاحِدِ

لَقَدْ زِنْتَ يَحْيَى فِي الْمَشَاهِدِ كُلِّهَا ... كَمَا زَانَ يَحْيَى خَالِدًا فِي الْمَشَاهِدِ

قَالُوا: وَكَانَ الْفَضْلُ أَكْرَمَ مِنْ أَخِيهِ جَعْفَرٍ، وَلَكِنْ كَانَ فِيهِ كِبْرٌ شَدِيدٌ، وَكَانَ عَبُوسًا، وَكَانَ جَعْفَرٌ أَحْسَنَ بِشْرًا مِنْهُ، وَأَطْلَقَ وَجْهًا، وَأَقَلَّ عَطَاءً، وَكَانَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَمْيَلَ.

وَقَدْ وَهَبَ الْفَضْلُ لِطَبَّاخِهِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَعَاتَبَهُ أَبُوهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ، إِنَّ هَذَا كَانَ يَصْحَبُنِي فِي الْعُسْرِ وَالْعَيْشِ الْخَشِنِ، وَاسْتَمَرَّ مَعِي فِي هَذَا الْحَالِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتِي، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الْكِرَامَ إِذَا مَا أُسْهَلُوا ذَكَرُوا ... مَنْ كَانَ يُؤْنِسُهُمْ فِي الْمَنْزِلِ الْخَشِنِ

وَوَهَبَ يَوْمًا لِبَعْضِ الْأُدَبَاءِ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارٍ، فَبَكَى الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ: مِمَّ تَبْكِي، أَسْتَقْلَلْتَهَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ؛ وَلَكِنِّي أَبْكِي أَسَفًا أَنَّ الْأَرْضَ تُوَارِي مِثْلَكَ!

<<  <  ج: ص:  >  >>