للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَكَا إِلَيْهِ الرَّجُلُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُكَلِّمَ فِي ذَلِكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَمْ دَيْنُكَ؟ قَالَ: ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ مَهْمُومٌ لِضَعْفِ رَدِّهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَالَ إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ، فَاسْتَرَاحَ عِنْدَهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَإِذَا الْمَالُ قَدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فِيهِ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

لَكَ الْفَضْلُ يَا فَضْلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ ... وَمَا كُلُّ مَنْ يُدْعَى بِفَضْلٍ لَهُ الْفَضْلُ

رَأَى اللَّهُ فَضْلًا مِنْكَ فِي النَّاسِ وَاسِعًا ... فَسَمَّاكَ فَضْلًا فَالْتَقَى الِاسْمُ وَالْفِعْلُ

وَقَدْ كَانَ الْفَضْلُ أَكْبَرَ رُتْبَةً مِنْ جَعْفَرٍ، وَلَكِنَّ جَعْفَرًا أَحْظَى عِنْدَ الرَّشِيدِ مِنْهُ وَأَخَصُّ. وَقَدْ وَلِيَ الْفَضْلُ أَعْمَالًا كِبَارًا، مِنْهَا نِيَابَةُ خُرَاسَانَ وَغَيْرُهَا.

فَلَمَّا قَتَلَ الرَّشِيدُ جَعْفَرًا وَحَبَسَ الْبَرَامِكَةَ، جَلَدَ الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ مِائَةَ سَوْطٍ، وَخَلَّدَهُ فِي السِّجْنِ حَتَّى مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَبْلَ الرَّشِيدِ بِشُهُورٍ خَمْسَةٍ بِالرَّقَّةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ بِالْقَصْرِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ أُخْرِجَتْ جِنَازَتُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا النَّاسُ، وَدُفِنَ هُنَاكَ وَلَهُ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً، وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ ثِقَلٌ أَصَابَهُ فِي لِسَانِهِ اشْتَدَّ بِهِ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ أَذَانِ الْغَدَاةِ مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>