للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِحَدِيثِ: " " «احْتَجَّ آدَمُ، وَمُوسَى» " " فَقَالَ عَمُّ الرَّشِيدِ: أَيْنَ الْتَقَيَا يَا أَبَا مُعَاوِيَةَ؟ فَغَضِبَ الرَّشِيدُ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَتَعْتَرِضُ عَلَى الْحَدِيثِ؟ ! عَلَيَّ بِالنَّطْعِ، وَالسَّيْفِ. فَأُحْضِرَ ذَلِكَ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ يَشْفَعُونَ فِيهِ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: هَذِهِ زَنْدَقَةٌ. ثُمَّ أَمَرَ بِسَجْنِهِ، وَقَالَ: لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُخْبِرَنِي مَنْ أَلْقَى إِلَيْهِ هَذَا. فَأَقْسَمَ بِالْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ مَا قَالَ لَهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ بَادِرَةً مِنِّي، فَأَطْلَقَهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَخَلْتُ عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ مَضْرُوبُ الْعُنُقِ، وَالسَّيَّافُ يَمْسَحُ سَيْفَهُ فِي قَفَا الرَّجُلِ الْمَقْتُولِ، فَقَالَ هَارُونُ: قَتَلْتُهُ لِأَنَّهُ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ. فَقَتَلْتُهُ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْظُرْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَيُقَدِّمُونَهُمَا فَأَكْرِمْهُمْ يَعِزُّ سُلْطَانُكَ. فَقَالَ الرَّشِيدُ: أَوَلَسْتُ كَذَلِكَ؟ ! أَنَا وَاللَّهِ كَذَلِكَ أُحِبُّهُمَا، وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُمَا، وَأُعَاقِبُ مَنْ يُبْغِضُهُمَا.

وَقَالَ لَهُ ابْنُ السِّمَاكِ أَوْ غَيْرُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ فَوْقَكُ، فَاجْتَهِدْ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ أَحَدٌ أَطْوَعَ إِلَى اللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ فِي الْكَلَامِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ فِي الْمَوْعِظَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>