للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: هَذِهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ قَدِمَتْ مِنْ مِصْرَ. فَقَالَتْ: هَبْهَا لِي يَابْنَ عَمِّ. فَقُلْتُ: هِيَ لَكِ. ثُمَّ مَا خَرَجْتُ حَتَّى عَرْبَدَتْ عَلَيَّ، وَقَالَتْ: أَيُّ خَيْرٍ رَأَيْتُ مِنْكَ؟

وَقَالَ الرَّشِيدُ مَرَّةً لِلْمُفَضَّلِ الضَّبِّيِّ: مَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الذِّئْبِ، وَلَكَ هَذَا الْخَاتَمُ، وَشِرَاؤُهُ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ دِينَارٍ؟ فَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

يَنَامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي ... بِأُخْرَى الرَّزَايَا فَهُو يَقْظَانُ هَاجِعُ

فَقَالَ: مَا قُلْتَ هَذَا إِلَّا لِتَسْلُبَنَا الْخَاتَمَ. ثُمَّ أَلْقَاهُ إِلَيْهِ، فَبَعَثَتْ زُبَيْدَةُ فَاشْتَرَتْهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ دِينَارٍ، وَبَعَثَتْ بِهِ إِلَى الرَّشِيدِ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُكَ مُعْجَبًا بِهِ. فَرَدَّهُ إِلَى الْمُفَضَّلِ، وَالدَّنَانِيرَ، وَقَالَ: مَا كُنَّا لِنَهَبَ شَيْئًا، وَنَرْجِعَ فِيهِ.

وَقَالَ الرَّشِيدُ يَوْمًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ الْأَحْنَفِ: أَيُّ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ أَرَقُّ؟ فَقَالَ: قَوْلُ جَمِيلٍ فِي بُثَيْنَةَ:

أَلَا لَيْتَنِي أَعْمَى أَصَمُّ تَقُودُنِي ... بُثَيْنَةُ لَا يَخْفَى عَلَيَّ كَلَامُهُا

فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: فَقَوْلُكَ أَرَقُّ مِنْ هَذَا حَيْثُ قُلْتَ:

طَافَ الْهَوَى فِي عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمْ ... حَتَّى إِذَا مَرَّ بِي مِنْ بَيْنِهِمْ وَقَفَا

فَقَالَ الْعَبَّاسُ: فَقَوْلُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَقُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ:

أَمَا يَكْفِيكِ أَنَّكِ تَمْلِكِينِي ... وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَبِيدِي

<<  <  ج: ص:  >  >>