للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالطُّرُزِ، وَتَنَكَّرَ لِأَخِيهِ الْأَمِينِ، وَبَعَثَ رَافِعُ بْنُ اللَّيْثِ إِلَى الْمَأْمُونِ يَسْأَلُ مِنْهُ الْأَمَانَ فَأَمَّنَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِ بِمَنْ مَعَهُ، فَأَكْرَمَهُ الْمَأْمُونُ وَعَظَّمَهُ، وَجَاءَ هَرْثَمَةُ عَلَى إِثْرِهِ فَتَلَقَّاهُ الْمَأْمُونُ وَوُجُوهُ النَّاسِ، وَوَلَّاهُ الْحَرَسَ، فَلَمَّا بَلَغَ الْأَمِينَ أَنَّ الْجُنُودَ قَدِ الْتَفَّتَ عَلَى أَخِيهِ الْمَأْمُونِ سَاءَهُ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ، وَكَتَبَ إِلَى الْمَأْمُونِ كِتَابًا وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلًا ثَلَاثَةً مِنْ أَكَابِرِ الْأُمَرَاءِ، يَسْأَلُهُ أَنْ يُجِيبَهُ إِلَى تَقْدِيمِ وَلَدِهِ مُوسَى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَدْ سَمَّاهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، فَأَظْهَرَ الْمَأْمُونُ الِامْتِنَاعَ وَشَرَعُوا فِي مُطَايَبَتِهِ، وَمُلَايَنَتِهِ، وَأَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَأَبَى كُلَّ الْإِبَاءِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى: فَقَدْ خَلَعَ أَبِي نَفْسَهُ فَمَاذَا كَانَ؟ فَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ كَانَ امْرَأً مُكْرَهًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْمَأْمُونُ يَعِدُ الْعَبَّاسَ وَيُمَنِّيهِ حَتَّى بَايَعَهُ بِالْخِلَافَةِ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ كَانَ يُرَاسِلُهُ بِمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ بِبَغْدَادَ وَيُنَاصِحُهُ، وَلَمَّا رَجَعَ الرُّسُلُ إِلَى الْأَمِينِ أَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْ جَوَابِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ صَمَّمَ الْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ عَلَى الْأَمِينِ فِي خَلْعِ الْمَأْمُونِ فَخَلَعَهُ، وَأَمَرَ بِالدُّعَاءِ لِوَلَدِهِ فِي الْعِرَاقِ كُلِّهِ وَبِلَادِ الْحِجَازِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، وَسَمَّاهُ النَّاطِقَ بِالْحَقِّ، وَجَعَلُوا مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْمَأْمُونِ وَيَذْكُرُ مَسَاوِئَهُ، وَبَعَثُوا إِلَى مَكَّةَ فَأَخَذُوا الْكِتَابَ الَّذِي كَتَبَهُ الرَّشِيدُ، وَأَوْدَعَهُ فِي الْكَعْبَةِ، فَمَزَّقَهُ الْأَمِينُ، وَأَكَّدُوا الْبَيْعَةَ لِلنَّاطِقِ بِالْحَقِّ مُوسَى بْنِ الْأَمِينِ عَلَى مَا يَلِيهِ أَبُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَجَرَتْ بَيْنَ الْأَمِينِ وَالْمَأْمُونِ مُكَاتَبَاتٌ وَرُسُلٌ يَطُولُ بَسْطُهَا، وَقَدِ اسْتَقْصَاهَا الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي " " تَارِيخِهِ " " ثُمَّ آلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>