للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْعَبَّاسِ أَنْ يَقْتُلَ عَمَّهُ فِي هَذَا الْمَضِيقِ، وَيَأْخُذَ لَهُ الْبَيْعَةَ، وَيَرْجِعَ إِلَى بَغْدَادَ فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُعَطِّلَ عَلَى النَّاسِ هَذِهِ الْغَزْوَةَ. فَلَمَّا فَتَحُوا عَمُّورِيَةَ وَاشْتَغَلَ النَّاسُ بِالْمَغَانِمِ أَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْتِكَ، فَوَعَدَهُ مَضِيقَ الدَّرْبِ إِذَا رَجَعُوا، فَلَمَّا رَجَعُوا فَطِنَ الْمُعْتَصِمُ بِالْخَبَرِ، فَأَمَرَ بِالِاحْتِفَاظِ وَقُوَّةِ الْحَرَسِ، وَأَخَذَ بِالْحَزْمِ وَاجْتَهَدَ فِي الْعَزْمِ، وَاسْتَدْعَى بِالْحَارِثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، فَاسْتَقَرَّهُ فَأَقَرَّ لَهُ بِجَلِيَّةِ الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ أَخَذَ الْبَيْعَةَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ أَسْمَاهُمْ لَهُ، فَاسْتَكْثَرَهُمُ الْمُعْتَصِمُ، وَاسْتَدْعَى بِابْنِ أَخِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمَأْمُونِ فَقَيَّدَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَأَهَانَهُ، ثُمَّ أَظْهَرَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ وَعَفَا عَنْهُ، فَأَرْسَلَهُ مِنَ الْقَيْدِ وَأَطْلَقَ سَرَاحَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ اسْتَدْعَاهُ إِلَى حَضْرَتِهِ فِي مَجْلِسِ شَرَابِهِ، وَاسْتَخْلَاهُ حَتَّى سَقَاهُ وَاسْتَحْكَاهُ عَنِ الَّذِي كَانَ قَدْ دَبَّرَهُ مِنَ الْأَمْرِ، فَشَرَحَ لَهُ الْقَضِيَّةَ وَأَنْهَى لَهُ الْقِصَّةَ، فَإِذَا الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ الْحَارِثُ السَّمَرْقَنْدِيُّ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اسْتَدْعَى بِالْحَارِثِ، فَأَخْلَاهُ وَسَأَلَهُ عَنِ الْقَضِيَّةِ ثَانِيًا، فَذَكَرَهَا لَهُ كَمَا ذَكَرَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنِّي كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ أَجِدْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا بِصِدْقِكَ إِيَّايَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ. ثُمَّ أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ حِينَئِذٍ بِابْنِ أَخِيهِ الْعَبَّاسِ، فَقُيِّدَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْأَفْشِينِ وَأَمَرَ بِعُجَيْفٍ وَبَقِيَّةِ مَنْ ذَكَرَ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَاحْتِيطَ عَلَيْهِمْ وَأُحِيطَ بِهِمْ، ثُمَّ أَخَذَ فِي أَنْوَاعِ النِّقْمَاتِ يَقْتَرِحُهَا لَهُمْ، فَقَتَلَ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِنَوْعٍ مِنَ الْقِتْلَاتِ، وَمَاتَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْمَأْمُونِ بِمَنْبِجَ فَدُفِنَ هُنَاكَ، وَكَانَ سَبَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>