وَمِائَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ قَاتَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ نَائِبُ بَغْدَادَ فَهَزَمَهُ إِبْرَاهِيمُ فَقَصَدَهُ حُمَيْدٌ الطُّوسِيُّ فَهَزَمَ إِبْرَاهِيمَ، وَاخْتَفَى إِبْرَاهِيمُ بِبَغْدَادَ حِينَ قَدِمَهَا الْمَأْمُونُ مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ ظَفِرَ بِهِ الْمَأْمُونُ سَنَةَ عَشْرٍ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَكْرَمَهُ وَاسْتَمَرَّ بِهِ فِي مَنْزِلَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
وَكَانَتْ مُدَّةُ وِلَايَتِهِ عَلَى بَغْدَادَ وَمُعَامَلَتِهَا سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَاثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ بَدْءُ اخْتِفَائِهِ فِي أَوَاخِرِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ اخْتِفَائِهِ سِتَّ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَكَانَ الظَّفَرُ بِهِ فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ فِي اخْتِفَائِهِ هَذَا أُمُورٌ عَجِيبَةٌ يَطُولُ بَسْطُهَا.
قَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمَهْدِيِّ وَافِرَ الْفَضْلِ، غَزِيرَ الْأَدَبِ، وَاسِعَ النَّفْسِ، سَخِيَّ الْكَفِّ، وَكَانَ مَعْرُوفَا بِصِنْعَةِ الْغِنَاءِ، حَاذِقًا بِهَا، وَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ قَلَّ الْمَالُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمَهْدِيِّ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ بِبَغْدَادَ فَأَلَحَّ الْأَعْرَابُ عَلَيْهِ فِي أُعْطِيَاتِهِمْ، فَجَعَلَ يُسَوِّفُ بِهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُهُ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا مَالَ عِنْدَهُ الْيَوْمَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلْيَخْرُجِ الْخَلِيفَةُ إِلَيْنَا، فَلْيُغَنِّ لِأَهْلِ هَذَا الْجَانِبِ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ، وَلِلْجَانِبِ الْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَصْوَاتٍ. فَقَالَ فِي ذَلِكَ دِعْبِلُ بْنُ عَلِيٍّ شَاعِرُ الْمَأْمُونِ يَذُمُّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ فِي ذَلِكَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute