للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَجَابَ الْقَوَارِيرِيُّ إِلَى ذَلِكَ، فَأَطْلَقَ قَيْدَهُ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُ، وَأَصَرَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ الْجُنْدَيْسَابُورِيُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ ذَلِكَ فَأَكَّدَ قُيُودَهُمَا وَجَمَعَهُمَا فِي الْحَدِيدِ، وَبَعَثَ بِهِمَا إِلَى الْخَلِيفَةِ وَهُوَ بِطَرَسُوسَ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا كِتَابًا بِإِرْسَالِهِمَا إِلَيْهِ، فَسَارَا مُقَيَّدَيْنِ فِي مَحَارَةٍ عَلَى جَمَلٍ مُتَعَادِلِينَ ، وَجَعَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَدْعُو اللَّهَ ﷿ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَأْمُونِ وَأَنْ لَا يَرَيَاهُ وَلَا يَرَاهُمَا.

وَجَاءَ كِتَابُ الْمَأْمُونِ إِلَى نَائِبِهِ؛ أَنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا أَجَابُوا مُكْرَهِينَ، مُتَأَوِّلِينَ قَوْلَهُ تَعَالَى إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَقَدْ أَخْطَئُوا فِي ذَلِكَ خَطَأً كَبِيرًا فَأَرْسِلْهُمْ كُلَّهُمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَاسْتَدْعَاهُمْ إِسْحَاقُ وَأَلْزَمَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى طَرَسُوسَ فَسَارُوا إِلَيْهَا، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَلَغَهُمْ مَوْتُ الْمَأْمُونِ فَرُدُّوا إِلَى الرَّقَّةِ ثُمَّ أُذِنَ لَهُمْ فِي الرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَادَ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ نُوحٍ قَدْ سَبَقَا النَّاسَ، وَلَكِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا بِهِ حَتَّى مَاتَ، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دُعَاءَ عَبْدِهِ وَوَلِيِّهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، ، فَلَمْ يَجْتَمِعُوا بِالْمَأْمُونِ، وَرُدُّوا إِلَى بَغْدَادَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ فِي أَوَّلِ وِلَايَةِ الْمُعْتَصِمِ بْنِ الرَّشِيدِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>