وَنَائِبُهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ، فَاتُّهِمَ الْأَفْشِينُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ بِأَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى دِينِ أَجْدَادِهِ مِنَ الْفُرْسِ؛ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُخْتَتِنٍ، فَاعْتَذَرَ أَنَّهُ يَخَافُ أَلَمَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُنَاظِرُهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: فَأَنْتَ تُطَاعِنُ بِالرِّمَاحِ فِي الْحُرُوبِ وَلَا تَخَافُ مِنْ طَعْنِهَا، وَتَخَافُ مِنْ قَطْعِ قُلْفَةٍ بِبَدَنِكَ؟ ! وَمِنْهَا أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلَيْنِ إِمَامًا وَمُؤَذِّنًا، كُلَّ وَاحِدٍ أَلْفَ سَوْطٍ؛ لِأَنَّهُمَا هَدَمَا بَيْتَ أَصْنَامٍ فَاتَّخَذَاهُ مَسْجِدًا، وَأَنَّهُ عِنْدَهُ كِتَابُ " كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ " وَفِيهِ الْكُفْرُ، وَهُوَ مُحَلَّى بِالْجَوَاهِرِ، وَالذَّهَبِ، فَاعْتَذَرَ أَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ آبَائِهِ، وَاتُّهِمَ بِأَنَّ الْأَعَاجِمَ يُكَاتِبُونَهُ فَتَقُولُ: إِلَى إِلَهِ الْآلِهَةِ مِنْ عَبِيدِهِ، وَأَنَّهُ يُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَعْتَذِرُ بِأَنَّهُ أَجْرَاهُمْ عَلَى مَا كَانُوا يُكَاتِبُونَ بِهِ آبَاءَهُ وَأَجْدَادَهُ وَخَافَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِتَرْكِ ذَلِكَ فَيَتَّضِعَ عِنْدَهُمْ. فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: وَيْحَكَ، فَمَاذَا أَبْقَيْتَ لِفِرْعَوْنَ حِينَ قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى؟ وَأَنَّهُ كَانَ يُكَاتِبُ الْمَازَيَارَ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَأَنَّهُ فِي ضِيقٍ حَتَّى يَنْصُرَ دِينَ الْمَجُوسِ الَّذِي كَانَ قَدِيمًا، وَيُظْهِرَهُ عَلَى دِينِ الْعَرَبِ وَالْمَغَارِبَةِ وَالْأَتْرَاكِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْتَطِيبُ الْمُنْخَنِقَةَ عَلَى الْمَذْبُوحَةِ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي كُلِّ يَوْمِ أَرْبِعَاءَ يَسْتَدْعِي بِشَاةٍ سَوْدَاءَ، فَيَضْرِبُهَا بِالسَّيْفِ نِصْفَيْنِ، وَيَمْشِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَأْكُلُهُمَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ الْمُعْتَصِمُ بُغَا الْكَبِيرَ أَنْ يَسْجُنَهُ مُهَانًا ذَلِيلًا، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنِّي كُنْتُ أَتَوَقَّعُ مِنْكُمْ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute