[ص: ٣٠ - ٤٠]. يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّهُ وَهَبَ لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ، ﵉، ثُمَّ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَقَالَ: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ أَيْ: رَجَّاعٌ مُطِيعٌ لِلَّهِ. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الْخَيْلِ الصَّافِنَاتِ - وَهِيَ الَّتِي تَقِفُ عَلَى ثَلَاثٍ وَطَرَفِ حَافِرِ الرَّابِعَةِ - الْجِيَادِ; وَهِيَ الْمُضَمَّرَةُ السِّرَاعُ: فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ يَعْنِي الشَّمْسَ. وَقِيلَ: الْخَيْلُ. عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ. رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ قِيلَ: مَسَحَ عَرَاقِيبَهَا وَأَعْنَاقَهَا بِالسُّيُوفِ. وَقِيلَ: مَسَحَ عَنْهَا الْعَرَقَ لَمَّا أَجْرَاهَا وَسَابَقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ يَدَيْهِ، عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ الْأَوَّلُ; فَقَالُوا اشْتَغَلَ بِعَرْضِ تِلْكَ الْخُيُولِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ. رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ. وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ، أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَمْدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ كَانَ سَائِغًا فِي شَرِيعَتِهِمْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ لِأَجْلِ أَسْبَابِ الْجِهَادِ، وَعَرْضُ الْخَيْلِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدِ ادَّعَى طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْخِيرِ النَّبِيِّ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْرُوعًا إِذْ ذَاكَ، حَتَّى نُسِخَ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ. قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ: بَلْ هُوَ حُكْمٌ مُحْكَمٌ إِلَى الْيَوْمِ، أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِعُذْرِ الْقِتَالِ الشَّدِيدِ. كَمَا ذَكَرْنَا تَقْرِيرَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ «النِّسَاءِ» عِنْدَ صَلَاةِ الْخَوْفِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ تَأْخِيرُ النَّبِيِّ ﷺ صَلَاةَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نِسْيَانًا. وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ فِعْلُ سُلَيْمَانَ، ﵇، عَلَى هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute