للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«سِيَاسَةُ الْمُلُوكِ»، وَمِنْهَا فِي «الصَّيْدِ وَالْبُزَاةِ»، وَفِي «السِّلَاحِ»، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فِيهِ بَكْرُ بْنُ النَّطَّاحِ الشَّاعِرُ:

يَا طَالَبًا لِلْكِيمْيَاءِ وَعِلْمِهِ … مَدْحُ ابْنُ عِيسَى الْكِيمْيَاءُ الْأَعْظَمُ

لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا دِرْهَمٌ … وَمَدَحْتَهُ لَأَتَاكَ ذَاكَ الدِّرْهَمُ

فَيُقَالُ: إِنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى ذَلِكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَكَانَ شُجَاعًا فَاتِكًا، وَمِعْطَاءً لَا يَمَلُّ مِنَ الْعَطَاءِ، وَكَانَ يَسْتَدِينُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَيُعْطِي، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ شَرَعَ فِي بِنَاءِ مَدِينَةِ الْكَرَجِ، فَمَاتَ وَلَمْ يُتِمَّهَا، فَأَتَمَّهَا أَبُو دُلَفٍ هَذَا، وَكَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مُغَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ، فَهُوَ وَلَدُ زِنَا. فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ دُلَفٌ: لَسْتُ عَلَى مَذْهَبِكُ يَا أَبَهْ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ وَطِئْتُ أُمَّكَ قَبْلَ أَنْ أَسْتَبْرِئَهَا، فَهَذَا مِنْ ذَاكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي ابْنُ خِلِّكَانَ أَنَّ وَلَدَهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ أَنَّ آتِيًا أَتَاهُ، فَقَالَ: أَجِبِ الْأَمِيرَ. قَالَ: فَقُمْتُ مَعَهُ فَأَدْخَلَنِي دَارًا وَحْشَةً وَعْرَةً سَوْدَاءَ الْحِيطَانِ مُقَلَّعَةَ السُّقُوفِ، وَالْأَبْوَابِ، وَأَصْعَدَنِي فِي دَرَجٍ مِنْهَا ثُمَّ أَدْخَلَنِي غُرْفَةً فِي حِيطَانِهَا أَثَرُ النِّيرَانِ، وَفِي أَرْضِهَا أَثَرُ الرَّمَادِ، وَإِذَا بِأَبِي فِيهَا وَهُوَ عُرْيَانٌ وَاضِعٌ رَأْسَهُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ لِي كَالْمُسْتَفْهِمِ: دُلَفٌ؟ فَقُلْتُ: دُلَفٌ. فَأَنْشَأَ

<<  <  ج: ص:  >  >>