للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَا مَنْ مُنَاهَا فِي السَّرِيرَةِ جَعْفَرٌ ... سَقَى اللَّهُ مِنْ سُقْيَا ثَنَايَاكِ جَعْفَرًا

وَيَا مَنْ لِمَمْلُوكٍ لِمِلْكِ يَمِينِهِ ... مُطِيعٍ لَهُ فِيمَا أَسَرَّ وَأَظْهَرَا

قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ عَرِيبًا فَغَنَّتْ بِهِ. وَقَالَ الْفَتْحُ بْنُ خَاقَانَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْمُتَوَكِّلِ فَإِذَا هُوَ مُطْرِقٌ مُفَكِّرٌ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا لَكَ مُفَكِّرًا؟ فَوَاللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ أَطْيَبُ مِنْكَ عَيْشًا، وَلَا أَنْعَمُ مِنْكَ بَالًا. فَقَالَ: أَطْيَبُ مِنِّي عَيْشًا رَجُلٌ لَهُ دَارٌ وَاسِعَةٌ، وَزَوْجَةٌ صَالِحَةٌ، وَمَعِيشَةٌ حَاضِرَةٌ، لَا يَعْرِفُنَا فَنُؤْذِيهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْنَا فَنَزْدَرِيهِ.

وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ مُحَبَّبًا إِلَى رَعِيَّتِهِ، قَائِمًا بِالسُّنَّةِ فِيهَا، وَقَدْ شَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِالصِّدِّيقِ فِي رَدِّهِ عَلَى أَهْلِ الرِّدَّةِ، حَتَّى رَجَعُوا إِلَى الدِّينِ، وَبِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ رَدَّ مَظَالِمَ بَنِي أُمَيَّةَ. وَهُوَ أَظْهَرَ السُّنَّةَ بَعْدَ الْبِدْعَةِ، وَأَخْمَدَ الْبِدْعَةَ بَعْدَ انْتِشَارِهَا وَاشْتِهَارِهَا، فَرَحِمَهُ اللَّهُ.

وَقَدْ رَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي نُورٍ، فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>