أَوْلَادُ النَّبِيِّينَ، فَمَقْهُورُونَ وَمَفْتُونُونَ، يَخُوضُونَ مَعَ الْخَائِضِينَ، يَتَمَنَّوْنَ مِثْلَ نَصْرِي آبَاءَهُمْ، وَالْكَرَامَةَ الَّتِي أَكْرَمْتُهُمْ بِهَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُمْ، بِغَيْرِ صِدْقٍ مِنْهُمْ، وَلَا تَفَكُّرٍ، وَلَا يَذْكُرُونَ كَيْفَ كَانَ صَبْرُ آبَائِهِمْ، وَكَيْفَ كَانَ جُهْدُهُمْ فِي أَمْرِي، حَتَّى اغْتَرَّ الْمُغْتَرُّونَ، وَكَيْفَ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، فَصَبَرُوا وَصَدَقُوا، حَتَّى عَزَّ أَمْرِي، وَظَهَرَ دِينِي، فَتَأَنَّيْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَعَلَّهُمْ يَسْتَحْيُونَ مِنِّي وَيَرْجِعُونَ، فَتَطَوَّلْتُ عَلَيْهِمْ وَصَفَحْتُ عَنْهُمْ، فَأَكْثَرْتُ وَمَدَدْتُ لَهُمْ فِي الْعُمُرِ، وَأَعْذَرْتُ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَكُلُّ ذَلِكَ أُمْطِرُ عَلَيْهِمُ السَّمَاءَ، وَأُنْبِتُ لَهُمُ الْأَرْضَ، وَأُلْبِسُهُمُ الْعَافِيَةَ، وَأُظْهِرُهُمْ عَلَى الْعَدُوِّ، وَلَا يَزْدَادُونَ إِلَّا طُغْيَانًا وَبُعْدًا مِنِّي، فَحَتَّى مَتَى هَذَا! أَبِي يَسْخَرُونَ! أَمْ بِي يَتَمَرَّسُونَ! أَمْ إِيَّايَ يُخَادِعُونَ! أَمْ عَلَيَّ يَجْتَرِئُونَ! فَإِنِّي أُقْسِمُ بِعِزَّتِي، لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً يَتَحَيَّرُ فِيهَا الْحَلِيمُ وَيَضِلُّ فِيهَا رَأْيُ ذَوِي الرَّأْيِ وَحِكْمَةُ الْحَكِيمِ، ثُمَّ لَأُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِمْ جَبَّارًا قَاسِيًا عَاتِيًا، أُلْبِسُهُ الْهَيْبَةَ، وَأَنْزِعُ مِنْ قَلْبِهِ الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ، وَآلَيْتُ أَنْ يَتَّبِعَهُ عَدَدٌ وَسَوَادٌ مِثْلُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، لَهُ فِيهِ عَسَاكِرُ مِثْلُ قِطَعِ السَّحَابِ، وَمُوَاكِبُ مِثْلُ الْعَجَاجِ، وَكَأَنَّ حَفِيفَ رَايَاتِهِ طَيَرَانُ النُّسُورِ، وَحَمْلَ فُرْسَانِهِ كَسِرْبِ الْعِقْبَانِ، يُعِيدُونَ الْعِمْرَانَ خَرَابًا، وَالْقُرَى وَحْشًا، وَيَعِيثُونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، وَيُتَبِّرُونَ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا، قَاسِيَةً قُلُوبُهُمْ; لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute