للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: «لِي النُّبُوَّةُ، وَلَكُمُ الْخِلَافَةُ، بِكُمْ يُفْتَحُ هَذَا الْأَمْرُ، وَبِكُمْ يُخْتَمُ». وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: «مَنْ أَحَبَّكَ نَالَتْهُ شَفَاعَتِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ لَا نَالَتْهُ شَفَاعَتِي».

وَرَوَى الْخَطِيبُ أَنَّ رَجُلًا اسْتَعْدَى الْمُهْتَدِي عَلَى خَصْمِهِ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ، فَأَنْشَأَ الرَّجُلُ يَقُولُ:

حَكَّمْتُمُوهُ فَقَضَى بَيْنَكُمْ … أَبْلَجُ مِثْلُ الْقَمَرِ الزَّاهِرِ

لَا يَقْبَلُ الرِّشْوَةَ فِي حُكْمِهِ … وَلَا يُبَالِي غَبَنَ الْخَاسِرِ

فَقَالَ لَهُ الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ: أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَأَحْسَنَ اللَّهُ مَقَالَتَكَ، وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي مَا جَلَسْتُ حَتَّى قَرَأْتُ: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الْأَنْبِيَاءِ: ٤٧] قَالَ: فَبَكَى النَّاسُ حَوْلَهُ. فَمَا رُئِيَ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَرَدَ الْمُهْتَدِي الصَّوْمَ مُنْذُ وَلِيَ إِلَى أَنْ قُتِلَ . وَكَانَ يُحِبُّ الِاقْتِدَاءَ بِمَا سَلَكَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأُمَوِيُّ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ مِنَ الْوَرَعِ وَالتَّقَشُّفِ وَكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ وَشِدَّةِ الِاحْتِيَاطِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ: كُنَّا جُلُوسًا بِمَكَّةَ وَعِنْدِي جَمَاعَةٌ وَنَحْنُ نَبْحَثُ فِي النَّحْوِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ، إِذْ وَقَفَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مَجْنُونٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>