يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ وَقَدْ أَكَلَ تِلْكَ السَّلَّةَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، فَحَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثِقَلٌ، وَمَرِضَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ عَشِيَّةَ يَوْمِ الْأَحَدِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الشَّافِعِيُّ; وَهِيَ سَنَةُ أَرْبَعِ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ عُمُرُهُ سَبْعًا وَخَمْسِينَ سَنَةً. رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
أَبُو يَزِيدِ الْبِسْطَامِيُّ:
اسْمُهُ طَيْفُورُ بْنُ عِيسَى بْنِ آدَمَ بْنِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ، أَحَدُ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَ جَدُّهُ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ، وَكَانَ لِأَبِي يَزِيدَ أَخَوَانِ صَالِحَانِ عَابِدَانِ وَهُوَ أَجَلُّ مِنْهُمَا، وَقِيلَ لَهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ وَصَلْتَ إِلَى هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ؟ فَقَالَ: بِبَطْنٍ جَائِعٍ وَبَدَنٍ عَارٍ. وَكَانَ يَقُولُ: دَعَوْتُ نَفْسِي إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَلَمْ تَجِبْنِي، فَمَنَعْتُهَا الْمَاءَ سَنَةً. وَقَالَ أَيْضًا: إِذَا نَظَرْتُمْ إِلَى الرَّجُلِ أُعْطِي مِنَ الْكَرَامَاتِ حَتَّى يَرْتَفِعَ فِي الْهَوَاءِ، فَلَا تَغْتَرُّوا بِهِ حَتَّى تَنْظُرُوا كَيْفَ تَجِدُونَهُ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَحِفْظِ الْحُدُودِ وَأَدَاءِ الشَّرِيعَةِ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ خِلِّكَانَ: وَلَهُ مَقَامَاتٌ كَثِيرَةٌ وَمُجَاهَدَاتٌ مَشْهُورَةٌ وَكَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ﵀. قُلْتُ: قَدْ حُكِيَ عَنْهُ كَلِمَاتٌ فِيهَا شَطْحٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ عَلَيْهَا;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute