للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُنْتُ امْرَأً مِنْ جُنْدِ إِبْلِيسَ بُرْهَةً ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى صَارَ إِبْلِيسُ مِنْ جُنْدِي

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ تَحَرَّكَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ اسْتَفْحَلَ أَمْرُهُمْ وَتَفَاقَمَ الْحَالُ بِهِمْ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، حَتَّى آلَ الْحَالُ إِلَى أَنْ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَسَفَكُوا فِيهِ دِمَاءَ الْحَجِيجِ فِي وَسَطِ الْمَسْجِدِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ الْمُكَرَّمَةِ وَكَسَرُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَاقْتَلَعُوهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى بِلَادِهِمْ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عِنْدَهُمْ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَمَكَثَ غَائِبًا عَنْ مَوْضِعِهِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَاتَّفَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ شَيْئَانِ ; أَحَدُهُمَا ظُهُورُ هَؤُلَاءِ، وَالثَّانِي مَوْتُ حُسَامِ الْإِسْلَامِ وَنَاصِرِ الدِّينِ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ، تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، لَكِنْ أَبْقَى اللَّهَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ ابْنَ الْمُوَفَّقَ الْمُلَقَّبَ بِالْمُعْتَضِدِ. وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا فَاتِكًا كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا.

وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ أَبِي أَحْمَدَ الْمُوَفَّقِ رَحِمَهُ اللَّهُ

هُوَ الْأَمِيرُ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ الْمُوَفَّقُ بِاللَّهِ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدٌ - طَلْحَةُ - بْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُعْتَصِمِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ، كَانَ مُوَلِدُهُ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ أَخُوهُ الْمُعْتَمِدُ حِينَ صَارَتْ إِلَيْهِ الْخِلَافَةُ قَدْ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالْوِلَايَةِ بَعْدَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ، وَلَقَّبَهُ الْمُوَفَّقَ بِاللَّهِ، ثُمَّ لَمَّا قَتَلَ صَاحِبَ الزَّنْجِ وَكَسَرَ جَيْشَهُ تَلَقَّبَ بِنَاصِرِ دِينِ اللَّهِ، وَصَارَ إِلَيْهِ الْعَقْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>