وَقَدْ قِيلَ فِي انْقِضَاءِ دَوْلَةِ الزَّنْجِ وَمَا كَانَ مِنَ النَّصْرِ عَلَيْهِمْ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ; مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَسْلَمِيِّ:
أَقُولُ وَقَدْ جَاءَ الْبَشِيرُ بِوَقْعِةٍ … أَعَزَّتْ مِنَ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ وَاهِيًا
جَزَى اللَّهُ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ بَعْدَمَا … أُبِيحَ حِمَاهُمْ خَيْرَ مَا كَانَ جَازِيَا
تَفَرَّدَ - إِذْ لَمْ يَنْصُرِ اللَّهُ نَاصِرٌ … بِتَجْدِيدِ دِينٍ كَانَ أَصْبَحَ بَالِيَا
وَتَجْدِيدِ مُلْكٍ قَدْ وَهَى بَعْدَ عِزِّهِ … وَأَخْذٍ بِثَارَاتٍ تُبِيرُ الْأَعَادِيَا
وَرَدِّ عِمَارَاتٍ أُزِيلَتْ وَأُخْرِبَتْ … لِيَرْجِعَ فَيْءٌ قَدْ تَخَرَّمَ وَافِيَا
وَتَرْجِعَ أَمْصَارٌ أُبِيحَتْ وَأُحْرِقَتْ … مِرَارًا فَقَدْ أَمْسَتْ قَوَاءً عَوَافِيَا
وَيَشْفِي صُدُورَ الْمُسْلِمِينَ بِوَقْعَةٍ … يُقِرُّ بِهَا مِنَّا الْعُيُونَ الْبَوَاكِيَا
وَيُتْلَى كِتَابُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ … وَيُلْقَى دُعَاءُ الطَّالِبِيِّينَ خَاسِيَا
فَأَعْرَضَ عَنْ أَحْبَابِهِ وَنَعِيمِهِ … وَعَنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا وَأَصْبَحَ عَارِيَا
وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، هَذَا طَرَفٌ مِنْهَا.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَقْبَلَتِ الرُّومُ فِي مِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْ طَرَسُوسَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَبَيَّتُوهُمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى الصَّبَاحِ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقُتِلَ الْمُقَدَّمُ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَهُوَ بِطْرِيقُ الْبَطَارِقَةِ، وَجُرِحَ أَكْثَرُ الْبَاقِينَ، وَغَنِمَ