للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَارَةً فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ مَا بَيْنَ كُلِّ جَنَاحَيْنِ كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، كَمَا رَآهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ مَرَّتَيْنِ ; مَرَّةً مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، وَتَارَةً عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: ٥] . أَيْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم: ١٣]

[النَّجْمِ: ١٣ - ١٤] . وَكُلُّ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَحَادِيثِ الْإِسْرَاءِ فِي سُورَةِ سُبْحَانَ أَنَّ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فِي السَّادِسَةِ أَيْ: أَصْلُهَا، وَفُرُوعُهَا فِي السَّابِعَةِ، {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} [النجم: ١٦] . قِيلَ: غَشِيَهَا نُورُ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ. وَقِيلَ: غَشِيَهَا فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ. وَقِيلَ: غَشِيَهَا أَلْوَانٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ. وَقِيلَ: غَشِيَهَا الْمَلَائِكَةُ مِثْلَ الْغِرْبَانِ. وَقِيلَ: غَشِيَهَا مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَنْعَتَهَا ; أَيْ مِنْ حُسْنِهَا وَبَهَائِهَا. وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إِذِ الْجَمِيعُ مُمْكِنٌ حُصُولُهُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ. وَذَكَرْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا كَالْقِلَالِ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «كَقِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>