عَنْ شَيْءٍ مِنْ حَالِهِمَا، فَكَأَنَّهُ أَنْكَرَ فِي قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَنْكَرْتَ مَا قُلْتُ لَكَ؟ انْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ. فَنَظَرَ فَإِذَا حِمَارُهُ قَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ وَصَارَتْ نَخِرَةً، فَنَادَى الْمَلَكُ عِظَامَ الْحِمَارِ، فَأَجَابَتْ وَأَقْبَلَتْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ حَتَّى رَكَّبَهُ الْمَلَكُ، وَعُزَيْرٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَلْبَسَهَا الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ، ثُمَّ كَسَاهَا اللَّحْمَ، ثُمَّ أَنْبَتَ عَلَيْهَا الْجِلْدَ وَالشَّعْرَ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الْمَلَكُ، فَقَامَ الْحِمَارُ رَافِعًا رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، نَاهِقًا يَظُنُّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} [البقرة: ٢٥٩] . يَعْنِي انْظُرْ إِلَى عِظَامِ حِمَارِكَ كَيْفَ نُرَكِّبُ بَعْضَهَا بَعْضًا فِي أَوْصَالِهَا، حَتَّى إِذَا صَارَتْ عِظَامًا مُصَوَّرًا حِمَارًا بِلَا لَحْمٍ، ثُمَّ انْظُرْ كَيْفَ نَكْسُوهَا لَحْمًا، {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٥٩] مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَغَيْرِهِ. قَالَ: فَرَكِبَ حِمَارَهُ حَتَّى أَتَى مَحِلَّتَهُ فَأَنْكَرَهُ النَّاسُ، وَأَنْكَرَ النَّاسَ، وَأَنْكَرَ مَنَازِلَهُمْ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَهَمٍ مِنْهُ، حَتَّى أَتَى مَنْزِلَهُ، فَإِذَا هُوَ بِعَجُوزٍ عَمْيَاءَ مُقْعَدَةٍ قَدْ أَتَى عَلَيْهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، كَانَتْ أَمَةً لَهُمْ، فَخَرَجَ عَنْهُمْ عُزَيْرٌ وَهِيَ بِنْتُ عِشْرِينَ سَنَةً، كَانَتْ عَرَفَتْهُ وَعَقَلَتْهُ، فَلَمَّا أَصَابَهَا الْكِبَرُ أَصَابَهَا الزَّمَانَةُ فَقَالَ لَهَا عُزَيْرٌ: يَا هَذِهِ أَهَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ هَذَا مَنْزِلُ عُزَيْرٍ. فَبَكَتْ وَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ يَذْكُرُ عُزَيْرًا وَقَدْ نَسِيَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute