يَا نَفْسُ صَبْرًا لَعَلَّ الْخَيْرَ عُقْبَاكِ ... خَانَتْكَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْأَمْنِ دُنْيَاكِ
مَرَّتْ بِنَا سَحَرًا طَيْرٌ فَقُلْتُ لَهَا ... طُوبَاكِ يَا لَيْتَنِي إِيَّاكِ طُوبَاكِ
إِنْ كَانَ قَصْدُكِ شَرْقًا فَالسَّلَامُ عَلَى ... شَاطِي الصَّرَاةِ ابْلِغِي إِنْ كَانَ مَسْرَاكِ
مِنْ مُوثَقٍ بِالْمَنَايَا لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَبْكِي الدِّمَاءَ عَلَى إِلْفٍ لَهُ بَاكِي
فَرُبَّ آمِنَةٍ جَاءَتْ مَنِيَّتُهَا ... وَرُبَّ مُفْلِتَةٍ مِنْ بَيْنِ أَشْرَاكِ
أَظُنُّهُ آخِرَ الْأَيَّامِ مِنْ عُمُرِي ... وَأَوْشَكَ الْيَوْمَ أَنْ يَبْكِي لِيَ الْبَاكِي
وَلَمَّا قُدِّمَ لِيُقْتَلَ أَنْشَأَ يَقُولُ:
فَقُلْ لْلشَّامِتِينَ بِنَا رُوَيْدًا ... أَمَامَكُمُ الْمَصَائِبُ وَالْخُطُوبُ
هُوَ الدَّهْرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ أَنْ ... يَكُونَ إِلَيْكُمُ مِنْهُ ذُنُوبُ
ثُمَّ كَانَ ظُهُورُ قَتْلِهِ لِلَيْلَتَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَقَدْ ذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ مُصَنَّفَاتٍ كَثِيرَةً، مِنْهَا: " طَبَقَاتُ الشُّعَرَاءِ " وَكِتَابُ " أَشْعَارِ الْمُلُوكِ " وَكِتَابُ " الْآدَابِ " وَكِتَابُ " الْبَدِيعِ " وَكِتَابٌ فِي الْغِنَاءِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْأُمَرَاءِ خَلَعُوا الْمُقْتَدِرَ وَبَايَعُوهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ تَمَزَّقَ شَمْلُهُ وَاخْتَفَى فِي بَيْتِ ابْنِ الْجَصَّاصِ الْجَوْهَرِىِّ ثُمَّ ظُهِرَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ وَصُودِرَ ابْنُ الْجَصَّاصِ بِأَلْفَيْ أَلْفِ دِينَارٍ وَبَقِيَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ.
قِيلَ: وَكَانَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ مَسْنُونَ الْوَجْهِ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ عَاشَ خَمْسِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute