لَعَلَّهُ يَعْمَلُ حِيلَةً فِي أَسْرِ مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتَ، فَتَقَنْطَرَ بِهِ فَرَسُهُ، فَسَقَطَ فِي نَهْرٍ، فَضَرَبَهُ غُلَامٌ لَهُ حَتَّى قَتَلَهُ، وَأَخَذَ رَأْسَهُ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَاقُوتَ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ هَارُونَ، وَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ يَاقُوتَ، فَدَخَلَ بَغْدَادَ وَرَأْسُ هَارُونَ بْنِ غَرِيبٍ يُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى رُمْحٍ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِيهَا ظَهَرَ رَجُلٌ بِبَغْدَادَ يُعَرَفُ بِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيِّ، وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أَبِي الْعَزَاقِرِ. فَذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ يَدَّعِي مَا كَانَ يَدَّعِيهِ الْحَلَّاجُ مِنَ الْإِلَهِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ مُسِكَ فِي دَوْلَةِ الْمُقْتَدِرِ عِنْدَ حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَاتُّهِمَ بِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّنَاسُخِ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَرَّةُ أَحْضَرَهُ الرَّاضِي، وَادَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ، فَأَنْكَرَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَشْيَاءَ، فَأَفْتَى قَوْمٌ أَنَّ دَمَهُ حَلَالٌ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، فَضُرِبَ ثَمَانِينَ سَوْطًا، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ وَصُلِبَ، وَأُلْحِقَ بِالْحَلَّاجِ - قَبَّحَهُمَا اللَّهُ - وَقُتِلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ ابْنُ أَبِي عَوْنٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَكَانَ هَذَا اللَّعِينُ مِنْ جُمْلَةِ طَائِفَةٍ قَدِ اتَّبَعُوهُ وَصَدَّقُوهُ فِيمَا يَزْعُمُهُ مِنَ الْكُفْرِ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ.
وَقَدْ بَسَطَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " كَامِلِهِ " مَذْهَبَ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ بَسْطًا جَيِّدًا، وَشَبَّهَ مَذْهَبَهُمْ بِمَذْهَبِ النَّصِيرِيَّةِ، لَعَنَهُمَا اللَّهُ أَجْمَعِينَ.
وَادَّعَى رَجُلٌ بِبِلَادِ الشَّاشِ النُّبُوَّةَ، وَأَظْهَرَ مَخَارِيقَ وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنَ الْحِيَلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute