للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَإِنَّهُ رَكِبَ مِنَ الرَّقَّةِ فِي دِجْلَةَ إِلَى بَغْدَادَ وَأَرْسَلَ إِلَى تُوزُونَ فَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ مَا كَانَ حَلَفَ لَهُ مِنَ الْأَيْمَانِ، فَأَكَّدَهَا وَقَرَّرَهَا، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهَا خَرَجَ إِلَيْهِ تُوزُونُ وَمَعَهُ الْعَسَاكِرُ، فَلَمَّا رَأَى الْخَلِيفَةَ قَبَّلَ الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَظْهَرَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ وَفَّى لَهُ بِمَا كَانَ حَلَفَ عَلَيْهِ، وَأَنْزَلَهُ فِي مَضْرِبِهِ، ثُمَّ جَاءَ فَاحْتَاطَ عَلَى مَنْ مَعَهُ مِنَ الْكُبَرَاءِ، وَأَمَرَ بِسَمْلِ عَيْنَيِ الْخَلِيفَةِ فَسُمِلَتْ عَيْنَاهُ، فَصَاحَ صَيْحَةً عَظِيمَةً سَمِعَهَا الْحُرَمُ، فَضَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ، فَأَمَرَ تُوزُونُ بِضَرْبِ الدَّبَادِبِ ; حَتَّى لَا تُسْمَعَ أَصْوَاتُ الْحُرَمِ، ثُمَّ انْحَدَرَ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى بَغْدَادَ فَبَايَعَ لِلْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ، فَكَانَتْ خِلَافَةُ الْمُتَّقِي لِلَّهِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَسَتَأْتِي تَرْجَمَتُهُ عِنْدَ ذِكْرِ وَفَاتِهِ.

خِلَافَةُ الْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُكْتَفِي بْنِ الْمُعْتَضِدِ

لَمَّا رَجَعَ تُوزُونُ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ خَلَعَ الْمُتَّقِيَ لِلَّهِ وَسَمَلَهُ، اسْتَدْعَى بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُكْتَفِي، فَبَايَعَهُ عَلَى الْخِلَافَةِ، وَلُقِّبَ بِالْمُسْتَكْفِي بِاللَّهِ، وَذَلِكَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَجَلَسَ تُوزُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ الْمُسْتَكْفِي خِلْعَةً سَنِيَّةً، وَكَانَ الْمُسْتَكْفِي مَلِيحَ الشَّكْلِ رَبْعَةً، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْوَجْهِ، أَبْيَضَ اللَّوْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>