للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَّأْنَاهُ لَهُ، وَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ لَيَشْرَبَنَّهُ، فَشَرِبَهُ بَعْدَ جَهْدٍ، وَقَالَ: كُنْتُ أَشْتَهِي لَوْ كُنْتُ تَمَنَّيْتُ الْمَغْفِرَةَ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ.

وَمِنْ شِعْرِ الْوَزِيرِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى قَوْلُهُ:

فَمَنْ كَانَ عَنِّي سَائِلًا بِشَمَاتَةٍ ... لِمَا نَابَنِي أَوْ شَامِتًا غَيْرَ سَائِلِ

فَقَدْ أَبْرَزَتْ مِنِّي الْخُطُوبُ ابْنَ حُرَّةٍ ... صَبُورًا عَلَى أَهْوَالِ تِلْكَ الزَّلَازِلِ

وَقَدْ رَوَى أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَمَاعَةٍ، أَنَّ عَطَّارًا مَنْ أَهْلِ الْكَرْخِ كَانَ مَشْهُورًا بِالسُّنَّةِ، رَكِبَهُ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ دَيْنًا، فَغَلَّقَ دُكَّانَهُ، وَانْكَسَرَ عَنْ كَسْبِهِ، وَلَزِمَ مَنْزِلَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالصَّلَاةِ لَيَالِيَ كَثِيرَةً، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ تِلْكَ اللَّيَالِي رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ: اقْصِدْ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْوَزِيرَ، فَقَدْ أَمَرْتُهُ لَكَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ. فَلَمَّا أَصْبَحَ الرَّجُلُ قَصَدَ بَابَ الْوَزِيرِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ، فَجَلَسَ لَعَلَّ أَحَدًا يَسْتَأْذِنُ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِ الْمَجْلِسُ، وَهَمَّ بِالِانْصِرَافِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ الْحَجَبَةِ: قُلْ لِلْوَزِيرِ: إِنِّي رَجُلٌ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَقُصَّهُ عَلَى الْوَزِيرِ، فَقَالَ لَهُ الْحَاجِبُ: وَأَنْتَ الرَّائِي؟ إِنَّ الْوَزِيرَ قَدْ أَنْفَذَ فِي طَلَبِكَ رُسُلًا مُتَعَدِّدَةً. ثُمَّ دَخَلَ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ مِنْ أَنْ أَدْخَلَنِي عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْوَزِيرُ يَسْتَعْلِمُ عَنِ اسْمِهِ وَصِفَتِهِ وَمَنْزِلِهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ الْوَزِيرُ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَأْمُرُنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>