فَاشْتَهَتِ الْوَلَدَ، فَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ حَمَلَتْ لَتَجْعَلَنَّ وَلَدَهَا مُحَرَّرًا ; أَيْ حَبِيسًا فِي خِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالُوا: فَحَاضَتْ مِنْ فَوْرِهَا، فَلَمَّا طَهُرَتْ وَاقَعَهَا بَعْلُهَا، فَحَمَلَتْ بِمَرْيَمَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} [آل عمران: ٣٦] وَقُرِئَ بِضَمِّ التَّاءِ {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: ٣٦] أَيْ: فِي خِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَنْذِرُونَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ خُدَّامًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ. وَقَوْلُهَا: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} [آل عمران: ٣٦] اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ يُولَدُ، وَكَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " «عَنْ أَنَسٍ فِي ذَهَابِهِ بِأَخِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَنَّكَ أَخَاهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.» وَجَاءَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُسَمَّى وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: وَ " يُدَمَّى " بَدَلَ: وَ " يُسَمَّى ". وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهَا: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: ٣٦] قَدِ اسْتُجِيبَ لَهَا فِي هَذَا، كَمَا تُقُبِّلَ مِنْهَا نَذْرُهَا ; فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا» ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [آل عمران: ٣٦] أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute