مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، وَاسْتُشْهِدَ عَلَى بَعْضِهَا بِبَيْتَيْنِ غَرِيبَيْنِ جِدَّا، فَعَرَضَهَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنِ مِقْسَمٍ، فَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْهَا شَيْئًا، حَتَّى قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هَذَا مَا وَضَعَهُ أَبُو عُمَرَ مِنْ عِنْدِهِ. فَلَمَّا جَاءَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ لَهُ الْقَاضِي مَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ عَنْهُ، فَطَلَبَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْقَاضِي أَنْ يُحْضِرَ لَهُ مِنْ كُتُبِهِ دَوَاوِينَ الْعَرَبِ. فَلَمْ يَزَلْ يَأْتِيهِ بِشَاهِدٍ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ شَاهِدٍ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الثَّلَاثِينَ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْبَيْتَانِ فَإِنَّ ثَعْلَبًا أَنْشَدَنَاهُمَا وَأَنْتَ حَاضِرٌ، فَكَتَبْتَهُمَا فِي دَفْتَرِكَ. فَطَلَبَ الْقَاضِي دَفْتَرَهُ، فَإِذَا هُمَا فِيهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ دُرَيْدٍ كَفَّ لِسَانَهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى مَاتَ.
وَتُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَدُفِنَ فِي الصُّفَّةِ الْمُقَابِلَةِ لِقَبْرِ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ بِبَغْدَادَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رُسْتُمَ أَبُو بَكْرٍ الْمَادَرَائِيُّ الْكَاتِبُ
كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ هُوَ وَأَخُوهُ أَحْمَدُ مَعَ أَبِيهِمَا، وَكَانَ عَلَى الْخَرَاجِ لِخُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ ثُمَّ صَارَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّاسِ وَأَكَابِرِهِمْ، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَطَبَقَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute