للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ، وَهُوَ الْحَكَمُ بِالْعَدْلِ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ وَكُلِّ مَا يَنْهَى عَنْهُ.

وَلِلشِّبْلِيِّ:

فَيَوْمًا تَرَانَا فِي الْخُزُوزِ نَجُرُّهَا … وَيَوْمًا تَرَانَا فِي الْحَدِيدِ عَوَابِسَا

وَيَوْمًا تَرَانَا لِلثَّرِيدِ نَبُسُّهُ … وَيَوْمًا تَرَانَا نَأْكُلُ الْخُبْزَ يَابِسَا

وَسَافَرَ الشِّبْلِيُّ مَرَّةً إِلَى الْبَصْرَةِ فَلَمَّا عَادَ إِلَى بَغْدَادَ سَمِعَ جَارَةً لِلْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ تُغَنِّيهِ وَهُوَ فِي التَّاجِ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ:

أَيَا قَادِمًا مِنْ سَفْرَةِ الْهَجْرِ مَرْحَبًا … أَيَا ذَاكَ لَا أَنْسَاكَ مَا هَبَّتِ الصَّبَا

قَدِمْتَ عَلَى قَلْبِي كَمَا قَدْ تَرَكْتَهُ … كَئِيبًا حَزِينًا بِالصَّبَابَةِ مُتْعَبَا

فَصَاحَ الشِّبْلِيُّ صَيْحَةً، وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فِي دِجْلَةَ، فَتَدَارَكَهُ النَّاسُ، فَأَخْرَجُوهُ، وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِإِحْضَارِهِ، فَقَالَ: أَنْتَ مَجْنُونٌ. قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي قَدِمْتُ مِنْ سَفَرٍ، فَسَمِعْتُ هَذِهِ تُغَنِّيكَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، فَحَصَلَ لِي مَا حَصَلَ، فَبَكَى الْخَلِيفَةُ.

وَكَانَ الشِّبْلِيُّ يُنْشِدُ، وَسَمِعْتُهُ كَثِيرًا مِنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ يُنْشِدُ:

عَوَى الذِّئْبُ فَاسْتَأْنَسْتُ لِلذِّئْبِ إِذْ عَوَى … وَصَوَّتَ إِنْسَانٌ فَكِدْتُ أَطِيرُ

وَلَهُ أَيْضًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>