للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهُكَ الْمَأْمُولُ حُجَّتُنَا … يَوْمَ يَأْتِي النَّاسُ بِالْحُجَجِ

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: أَخْشَى أَنْ أَمُوتَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذِكْرُهُ: اللَّهَ اللَّهَ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ [الْأَنْعَامِ: ٩١]

وَفِيمَا نَحَاهُ نَظَرٌ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [مُحَمَّدٍ: ١٩] وَقَالَ النَّبِيُّ : أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ

ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَجْنُونًا عَلَى بَابِ جَامِعِ الرُّصَافَةِ يَوْمَ جُمْعَةٍ وَهُوَ عُرْيَانٌ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا مَجْنُونُ اللَّهِ، أَنَا مَجْنُونُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: أَلَا تَسْتَتِرُ وَتَدْخُلُ مَعَ النَّاسِ فَتُصَلِّي، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

يَقُولُونَ زُرْنَا وَاقْضِ وَاجِبَ حَقِّنَا … وَقَدْ أَسْقَطَتْ حَالِي حُقُوقَهُمْ عَنِّي

إِذَا أَبْصَرُوا حَالِي وَلَمْ يَأْنَفُوا لَهَا … وَلَمْ يَأْنَفُوا مِنْهَا أَنِفْتُ لَهُمْ مِنِّي

وَذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي «تَارِيخِهِ» عَنْهُ أَنَّهُ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:

مَضَتِ الشَّبِيبَةُ وَالْحَبِيبَةُ فَانْبَرَى … دَمْعَانِ فِي الْأَجْفَانِ يَزْدَحِمَانِ

مَا أَنْصَفَتْنِي الْحَادِثَاتُ رَمَيْنَنِي … بِمُوَدِّعَيْنِ وَلَيْسَ لِي قَلْبَانِ

وَكَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ بِبَغْدَادَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>