للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَاعَدَتْهُ الْمَقَادِيرُ، فَخَرَجَتْ قُرْعَتُهُ غَالِبَةً لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا أَيْ: بِسَبَبِ غَلَبِهِ لَهُمْ فِي الْقُرْعَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آلِ عِمْرَانَ: ٤٤]. قَالُوا: وَذَلِكَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَلْقَى قَلَمَهُ مَعْرُوفًا بِهِ، ثُمَّ حَمَلُوهَا وَوَضَعُوهَا فِي مَوْضِعٍ، وَأَمَرُوا غُلَامًا لَمْ يَبْلُغِ الْحِنْثَ، فَأَخْرَجَ وَاحِدًا مِنْهَا، وَظَهَرَ قَلَمُ زَكَرِيَّا، ، فَطَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعُوا مَرَّةً ثَانِيَةً، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يُلْقُوا أَقْلَامَهُمْ فِي النَّهْرِ، فَأَيُّهُمْ جَرَى قَلَمُهُ عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ فَهُوَ الْغَالِبُ، فَفَعَلُوا، فَكَانَ قَلَمُ زَكَرِيَّا هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ، وَسَارَتْ أَقْلَامُهُمْ مَعَ الْمَاءِ، ثُمَّ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَقْتَرِعُوا ثَالِثَةً، فَأَيُّهُمْ جَرَى قَلَمُهُ مَعَ الْمَاءِ، وَتَكُونُ بَقِيَّةُ الْأَقْلَامِ قَدِ انْعَكَسَ سَيْرُهَا صُعُدًا; فَهُوَ الْغَالِبُ، فَفَعَلُوا، فَكَانَ زَكَرِيَّا هُوَ الْغَالِبَ لَهُمْ، فَكَفَلَهَا إِذْ كَانَ أَحَقَّ بِهَا شَرْعًا وَقَدَرًا; لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: اتَّخَذَ لَهَا زَكَرِيَّا مَكَانًا شَرِيفًا مِنَ الْمَسْجِدِ، لَا يَدْخُلُهُ سِوَاهَا، فَكَانَتْ تَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ، وَتَقُومُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ سَدَانَةِ الْبَيْتِ إِذَا جَاءَتْ نَوْبَتُهَا، وَتَقُومُ بِالْعِبَادَةِ لَيْلَهَا وَنَهَارَهَا، حَتَّى صَارَتْ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ بِعِبَادَتِهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>