وَتَحَقَّقَ الْعَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِزِّ الدَّوْلَةِ، وَرَكِبَ مِنْ فَوْرِهِ فِي الْأَتْرَاكِ، فَحَاصَرُوا دَارَ عِزِّ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَادَ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَنْزَلَ أَهْلَهُ مِنْهَا، وَنَهَبَ مَا فِيهَا وَأَحْدَرَهُمْ مِنْ دِجْلَةَ إِلَى وَاسِطٍ مَنْفِيِّينَ، وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى بَعْثِ الْخَلِيفَةِ إِلَيْهِ، فَعَفَا عَنْهُ وَأَقَرَّهُ بِدَارِهِ وَقَوِيَتْ شَوْكَةُ سُبُكْتِكِينَ وَالْأَتْرَاكِ بِبَغْدَادَ، وَنَهَبَتِ الْأَتْرَاكُ دُورَ الدَّيْلَمِ، وَخَلَعَ سُبُكْتِكِينُ عَلَى رُؤَسَاءِ الْعَامَّةِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَعَهُ عَلَى الدَّيْلَمِ، وَقَوِيَتِ السُّنَّةُ عَلَى الشِّيعَةِ، وَأَحْرَقُوا الْكَرْخَ حَرِيقًا ثَانِيًا، وَظَهَرَتِ السُّنَّةُ عَلَى أَيْدِي الْأَتْرَاكِ، وَخُلِعَ الْمُطِيعُ، وَوُلِّيَ وَلَدُهُ الطَّائِعُ لِلَّهِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
خِلَافَةُ الطَّائِعِ وَخَلْعُ أَبِيهِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ
ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ - وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ": كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - خُلِعَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَذَلِكَ لِفَالِجٍ أَصَابَهُ، فَثَقُلَ لِسَانُهُ، فَسَأَلَهُ سُبُكْتِكِينُ أَنْ يَخْلَعَ نَفْسَهُ، وَيُوَلِّيَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدَهُ الطَّائِعَ، فَأَجَابَ إِلَى ذَلِكَ فَعُقِدَتِ الْبَيْعَةُ لِلطَّائِعِ بِدَارِ الْخِلَافَةِ عَلَى يَدَيِ الْحَاجِبِ سُبُكْتِكِينَ، وَخُلِعَ أَبُوهُ الْمُطِيعُ بَعْدَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً كَانَتْ لَهُ فِي الْخِلَافَةِ، وَلَكِنْ تَعَوَّضَ بِوِلَايَةِ وَلَدِهِ.
وَاسْمُ الطَّائِعِ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْمُطِيعِ لِلَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ الْفَضْلِ بْنِ الْمُقْتَدِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute