نَاحِيَةَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالدُّورِ وَلَبِثَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَأُحْرِقَ الْبَلَدُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ عَزْلِ ظَالِمِ بْنِ مَوْهُوبٍ وَتَوْلِيَةِ جَيْشِ بْنِ صَمْصَامَةَ ابْنِ أُخْتِ أَبِي مَحْمُودٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَقُطِّعَتِ الْقَنَوَاتُ وَسَائِرُ الْمِيَاهِ عَنِ الْبَلَدِ، وَمَاتَ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَرَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَلَمْ يَزَلِ الْحَالُ كَذَلِكَ حَتَّى وَلِيَ عَلَيْهِمُ الطَّوَاشِيُّ رَيَّانُ الْخَادِمُ، مِنْ جِهَةِ الْمُعِزِّ، فَسَكَنَتِ الْأُمُورُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَلَمَّا قَوِيَتِ الْأَتْرَاكُ بِبَغْدَادَ تَحَيَّرَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ فِي أَمْرِهِ، وَمَا يَصْنَعُ، وَهُوَ بِالْأَهْوَازِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ يَسْتَنْجِدُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِعَسْكَرٍ مَعَ وَزِيرِهِ أَبِي الْفَتْحِ بْنِ الْعَمِيدِ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ، فَتَبَاطَأَ عَلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى عِمْرَانَ بْنِ شَاهِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي تَغْلِبَ بْنِ حَمْدَانَ، فَأَظْهَرَ نَصْرَهُ وَإِنَّمَا يُرِيدُ فِي الْبَاطِنِ أَخْذَ بَغْدَادَ وَخَرَجَتِ الْأَتْرَاكُ مِنْ بَغْدَادَ فِي جَحْفَلٍ كَثِيرٍ، وَمَعَهُمُ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ وَأَبُوهُ الْمُطِيعُ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى وَاسِطٍ تُوُفِّيَ الْمُطِيعُ لِلَّهِ وَبَعْدَ أَيَّامٍ تُوُفِّيَ سُبُكْتِكِينُ أَيْضًا، فَحُمِلَا إِلَى بَغْدَادَ فَالْتَفَّتِ التُّرْكُ عَلَى أَمِيرٍ يُقَالُ لَهُ: أَفْتُكِينُ، فَاجْتَمَعَ شَمْلُهُمْ، وَالْتَقَوْا مَعَ بَخْتِيَارَ فَضَعُفَ أَمْرُهُ جِدًّا، وَقَوِيَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، فَأَخَذَ مِنْهُ مُلْكَ الْعِرَاقِ، وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُ، وَتَفَرَّقَ أَمْرُهُ.
وَفِيهَا خُطِبَ لِلْمُعِزِّ الْفَاطِمِيِّ بِالْحَرَمَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute