{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٣٣]
[الزُّخْرُفِ: ٣٣ - ٣٥] قَالَ: فَوَجَمَ الْمَلِكُ عِنْدَ ذَلِكَ وَبَكَى، وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَأَكْثَرَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِثْلَكَ.
وَقَدْ قَحَطَ فِي بَعْضِ السِّنِينَ، فَأَمَرَ الْمَلِكُ الْقَاضِيَ مُنْذِرَ بْنَ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيَّ أَنْ يَسْتَسْقِيَ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا جَاءَتْهُ الرِّسَالَةُ بِذَلِكَ لِيَخْرُجَ مِنَ الْغَدِ، قَالَ لِلرَّسُولِ: كَيْفَ تَرَكْتَ الْمَلِكَ وَمَا حَالُهُ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُهُ أَخْشَعَ مَا يَكُونُ وَأَكْثَرَهُ دُعَاءً، فَقَالَ الْقَاضِي: رُحِمْتُمْ وَسُقِيتُمْ وَاللَّهِ، إِذَا خَشَعَ جَبَّارُ الْأَرْضِ، رَحِمَ جَبَّارُ السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامِهِ: اخْرُجْ بِالْمِمْطَرِ مَعَكَ، فَلَمَّا خَرَجَ النَّاسُ، وَجَاءَ الْقَاضِي صَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَسْتَمِعُونَ لِمَا يَقُولُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ كَانَ أَوَّلَ مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ أَنْ قَالَ: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةِ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ٥٤] ثُمَّ أَعَادَهَا، فَأَخَذَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ وَالتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى سُقُوا، وَرَجَعُوا يَخُوضُونَ الْمَاءَ. وَقَدْ صَنَّفَ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُصَنَّفًا فِي مَنَاقِبِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.
أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمَرْزُبَانِ الْبَغْدَادِيُّ
الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، تَفَقَّهَ بِأَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ، وَأَخَذَ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute