للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَزِيزِ إِلَى دِيَارِ مِصْرَ نَهَضَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهُ: قَسَّامٌ التَّرَّابُ، كَانَ أَفْتِكِينُ يُقَرِّبُهُ وَيُدْنِيهِ وَيَأْتَمِنُهُ عَلَى أَسْرَارِهِ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى دِمَشْقَ وَطَاوَعَهُ أَهْلُهَا، وَقَصَدَتْهُ عَسَاكِرُ الْعَزِيزِ مِنْ مِصْرَ، فَحَاصَرُوهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْهُ بِشَيْءٍ، وَجَاءَ أَبُو تَغْلِبَ بْنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، فَحَاصَرَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ دِمَشْقَ فَانْصَرَفَ عَنْهُ خَائِبًا إِلَى طَبَرِيَّةَ فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَنِي عُقَيْلٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ حُرُوبٌ طَوِيلَةٌ، آلَ بِهِ الْحَالُ إِلَى أَنْ قَتُلِ أَبُو تَغْلِبَ، وَكَانَتْ مَعَهُ أُخْتُهُ جَمِيلَةُ، وَامْرَأَتُهُ وَهِيَ بِنْتُ عَمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَرُدَّتَا إِلَى سَعْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحَلَبَ، فَأَخَذَ أُخْتَهُ، وَبَعَثَ بِجَمِيلَةَ إِلَى بَغْدَادَ فَحُبِسَتْ فِي دَارٍ وَأُخِذَ مِنْهَا أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ.

وَأَمَّا قَسَّامٌ - وَهُوَ الْحَارِثِيُّ، وَأَصْلُهُ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ مِنَ الْيَمَنِ - فَأَقَامَ بِالشَّامِ يَسُدُّ خَلَلَهَا، وَيَقُومُ بِمَصَالِحِهَا مُدَّةَ سِنِينَ عَدِيدَةٍ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ بِالْجَامِعِ، وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ عِنْدَهُ فَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، وَيَقُومُ فَيَمْتَثِلُونَ مَا يَرْسُمُ بِهِ.

قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَةِ تَلْفِيتَا وَكَانَ تَرَّابًا.

قُلْتُ: وَالْعَامَّةُ يَقُولُونَ: اسْمُهُ قُسَيْمٌ الزَّبَّالُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَسَّامٌ، وَلَمْ يَكُنْ زَبَّالًا بَلْ تَرَّابًا مِنْ قَرْيَةِ تَلْفِيتَا بِالْقُرْبِ مِنْ قَرْيَةِ مَنِينَ، وَكَانَ بُدُوَّ أَمْرِهِ أَنَّهُ انْتَمَى إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَحْدَاثِ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ بْنُ الْجَسْطَارِ، فَكَانَ مِنْ حِزْبِهِ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>