" الْإِيضَاحِ وَالتَّكْمِلَةِ "، وَكَانَ الَّذِي خَطَبَ خُطْبَةَ الْعَقْدِ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْمُحَسِّنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ أَبِي تَغْلِبَ بْنِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ بِالشَّامِ، قَرِيبًا مِنْ نَوَى وَأَعْمَالِهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ أُخْتُهُ جَمِيلَةُ وَزَوْجَتُهُ بِنْتُ عَمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، فَرُدَّتَا إِلَى ابْنِ عَمِّهِ سَعْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ حَلَبَ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَفِيهَا جَدَّدَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عِمَارَةَ بَغْدَادَ وَمَحَاسِنَهَا، وَجَدَّدَ الْمَسَاجِدَ وَالْمَشَاهِدَ، وَأَجْرَى عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْزَاقَ وَالْجِرَايَاتِ، مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْحُسَّابِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَ الصِّلَاتِ لِأَرْبَابِ الْبُيُوتَاتِ وَالشَّرَفِ، وَأَلْزَمَ أَصْحَابَ الْأَمْلَاكِ بِبَغْدَادَ بِعِمَارَةِ بُيُوتِهِمْ وَدُورِهِمْ، وَمَهَّدَ الطُّرُقَاتِ، وَأَطْلَقَ الْمُكُوسَ، وَأَصْلَحَ طَرِيقَ الْحُجَّاجِ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ وَأَرْسَلَ الصَّدَقَاتِ لِلْمُجَاوِرِينَ بِالْحَرَمَيْنِ، قَالَ: فَأَذِنَ لِوَزِيرِهِ نَصْرِ بْنِ هَارُونَ - وَكَانَ نَصْرَانِيًّا - بِعِمَارَةِ الْبِيَعِ وَالدِّيَرَةِ، وَإِطْلَاقِ الْأَمْوَالِ لِفُقَرَائِهِمْ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ حَسْنَوَيْهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُرْدِيُّ، وَكَانَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى نَوَاحِي بِلَادِ الدِّينَوَرِ وَهَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ مُدَّةَ خَمْسِينَ سَنَةً، وَكَانَ حَسَنَ السِّيرَةِ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ بِالْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَمَّا تُوُفِّيَ اخْتَلَفَ أَوْلَادُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَتَمَزَّقَ شَمْلُهُمْ، وَتَمَكَّنَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مِنْ أَكْثَرِ بِلَادِهِ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي الْأَرْضِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ رَكِبَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي جُيُوشٍ كَثِيفَةٍ إِلَى بِلَادِ أَخِيهِ فَخْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute